ورحل محمد سيام ذلك الفنان المبدع الذي أفعم طيبة الطيبة بنكهة فنه الجميل؛ فنان عرف كيف يحترم فنه فأتاه الفن يتهادى كغيمة وسم.. فنان عاش لفنه في زمن يلتهم الإبداع ويسرق منا لحظة الإحساس بعمق الذاكرة، فنان ارتوى الفن حتى الثمالة فانساقت له الألوان تنساب كأنما هي سلسبيل بين أنامله، عندما تدخل مرسمه تشعر وكأنك في زمن مختلف، تشعر وكأنك في زمن المبدعين من أمثال دافنشي وأنجلو ورمبرانت وموريللوو رينوار وبيكاسو. جسد تراث وطنه الغالي في لوحاته بكل تفاصيله وبكل اختلافاته الجغرافية فرسم الحرمين بروحانيتهما وعظمتهما، ورسم العرضة النجدية بكل هيبتها وكبريائها، ورسم الخبيتي بقوة حركته ورشاقة شخوصه وزهاء ألوانه، ورسم عسير بشموخ جبالها وجمال طبيعتها، رسم البحر بخيراته وغموضه وسحره، رسم سباق الهجن وسباق الخيل، رسم حواري المدينةالمنورة القديمة وشوارعها وأزقتها، شارع العينية وباب المصري وبضاعة والعنبرية وباب السلام والمناخة والأغوات، رسم الرواشين والأتاريك والزير والشربة، لم يترك شاردة ولا واردة تمثل تراث هذا الوطن الحبيب إلا وجسدها، وكأنما كان يريد توثيقها قبل رحيله، تنقل بين المدارس الفنية فرسم بالواقعية والانطباعية والتكعيبية، حتى أنك تراه في كل مدرسة وكأنه رائد من روادها. عرفته عن كثب، فوجدت فيه الفنان المولع بالفن والإبداع والابتكار، والقلب النابض بالرحمة والحب والتسامح، والإحساس المرهف بالجمال، وجدت فيه الصدق والبساطة والعفوية، التي تجعله عندما يجلس معك ويتحدث إليك تشعر وكأنه لا يعرف أحدًا سواك، كنت أزوره كلما أحسست بفتور في علاقتي مع الفن والألوان، فأجد فيه المحفز والمحرض على تعاطي الإبداع، رحمك الله يا سيام، فقد كنت معلمًا وفنانًا وملهمًا ورمزًا من رموز النهضة التشكيلية في المملكة العربية السعودية. د. ماجد عايض الرويثي - المدينة المنورة