لا شك أن مشروع السعودة حقق ثماره في بداية تطبيقه إلى حد كبير. ومن أهم مخرجاته «توطين العمل بأسواق الخضار والفواكه». فأصبحت الأسواق تُدار بنسبة كبيرة بأيدٍ سعودية، وركّزت اللجان المختصة تركيزًا كبيرًا مكّن السعوديين من دخول هذه الأسواق التي كانت شبه مغلقة على العمالة الوافدة. فاستوعبت أعدادًا كبيرة من السعوديين الذين أثبتوا جدارتهم في هذا المجال، وقنعوا بالأرباح الميسّرة خلاف العمالة الوافدة التي تبالغ برفع الأسعار، وحافظ السعوديون على نظافة بيئة الأسواق من مخلّفات البضائع. وارتفع دخل البيوت التي كانت متقوقعة لا تعرف كيف تتحرك لكسب العيش الشريف، بسبب سيطرة العمالة على الأسواق، واستمرت اللجان بالمتابعة الجادّة، وتطبيق التعليمات بصورة جليّة، وترسّخت قناعة التعامل مع السعودي بأسواق الخضار والفاكهة لانتظامه بعمله في السوق، وحسن تعامله، راضيًا بما تيسّر له من ربح، متحاشيًا الغش والمبالغة بالأسعار، فكسب رضا الزبائن، فاستمرت الأسواق على هذه الحال ردحًا من الزمن، حتى تراخت لجان المتابعة عن المتابعة. وعادت العمالة الوافدة إلى السوق بصورة مكثفة. لازَم ذلك تضارب مصالح التجار الذين يرحبون بكل وافد، وينظرون إلى العامل السعودي بتأفف، ضاربين بمشروع السعودة عرض الحائط، فارتفعت بعض أصوات الغيورين بأهمية احترام مشروع السعودة، والأخذ بأيدي السعوديين الراغبين بالعمل. إلاّ أنه بدأت شعلة السعودة تخفت حتى توارت عن أنظار الاهتمام، ولا تُذكر إلاّ في اللقاءات الإعلامية، والجلوس على طاولات الاجتماعات! وعادت العمالة الوافدة إلى أسواق الخضار والفاكهة بقوة، وذلك بسبب التستر، وانطفأت شعلة لجان السعودة، وتراجعت الجهات المعنية عن مشروع إستراتيجي لعلاج البطالة التي تزداد يومًا بعد يوم.. فهل من إنعاش لمشروع السعودة في أسواق الخضار والفاكهة؛ ليعود المواطن إلى ممارسة حقه المشروع في البيع والشراء بدلاً من الوقوف طويلاً أمام أبواب مكاتب وزارة الخدمة المدنية بدون فائدة؟! سؤال عريض وطويل لوزارتي العمل والتجارة.. والله المستعان.