من الخطوات التطويرية التي يجريها البريد السعودي نحو أداء أفضل، وتقديم خدمات أشمل كان ذلك الاتجاه الجديد، الذي يعد نقلة نوعية في الرقي بخدمات البريد، والتي على خلاف ما يظن من البعض بأن خدمات الاتصالات الأخرى قد سحبت البساط من تحت أقدام البريد بعد انزوال المراسلات الكتابية، وانتشار وسائل اتصال الكترونية أحدث وأسرع، فلم يعد للبريد التقليدي ذلك الوهج الذي كان سائدًا في حقب خلت. فخدمات البريد وإن هي فقدت بعضًا من خطوط خدمات سابقة جراء انحسار الاتصال عبر الرسائل المكتوبة لكنها ومن المؤكد أنها اشرعت امامها آفاقًا واجواء خدمية أكبر وأهم مثل التواصل في انجاز الخدمات الحكومية للمتعاملين عبر البريد وهذا ما اعلن من اكثر من دائرة وجهة حكومية لما فيه من توفير الوقت والجهد على المراجعين وتخفيف تكدس المراجعين لدى تلكم الجهات. والمتتبع لبرنامج البريد (واصل) وما اتجه اليه من عنونة تعتمد على تقنية يقال إنها متطورة ومشروع ترقيم لكل المواقع مفيد ليس للبريد فحسب بل لكل جهة ذات علاقة بالنفع العام. هذا من الناحية النظرية ولكن وعند بداية أولى خطوات التنفيذ وهو الجزء الثاني من المشروع الذي لم يصدم فيه مسؤولو البريد بل كل من كان ينتظر ولادة مشروع كهذا صرف عليه مبالغ طائلة ولكن: تسأل عن الحال هذا هو الحال. صناديق محطمة في اماكنها وكأنها بقايا اطلال من ماض سحيق واخرى انتزعت بمساميرها ووصلت بكل امان لأحواش الخردة والسكراب وبيعت وتم التقابض يدًا بيد وكأن شيئًا لم يكن. حتى علامات الترقيم انتزعت من قبل مجهولين وبعض الطائشين والاشقياء وسارقي المعادن. السؤال هنا هل كان هناك افضل مما كان. ستكون اجابة بنعم لو أن الموضوع اشبع دراسة فيما يخص البنية الارضية. فالصناديق صنعت من الصفيح الرقيق وكل مكوناتها لا تعطي اي مدلول على أن هناك سمة مقايسة أو جودة نوعية أو مجرد تصميم مناسب يرقى إلى ما بذل من جهد اعدادي ودعائي للمشروع. حيث كان من الافضل اجراء دراسة ميدانية وتركيب نماذج للتجربة قبل الشروع في التنفيذ بهذه المساحة ومن ثم ضياع الاموال. ومع أن الصناديق البريدية الحالية والتي تقبع في كل امان داخل الاقسام البريدية تعد من الجودة والمتانة بمكان لا مجال فيه للمقارنة بينها وصناديق (واصل) والتي “تكسر الخاطر” جراء تكسر أوصالها وهي التي لما تعمل بعد حقيقة أن يكون اجهاض مشروع مكلف وواعد كهذا يعد خسارة كبرى لا يعوضها الا اعادة نظر في اعداد بنية ارضية تتكئ على الواقع بحيث يحسب فيها كل الاحتمالات حسابًا دقيقًا بحيث لا تتكرر السقطات مرة اخرى ويستفاد من الخطأ آنف الذكر ويواصل المشروع خطاه واثقًا نحو ما بشر به أو أننا نبقى مع صناديقنا الحالية ونريدها في المتناول على مدار اليوم فقط وحسبنا أننا حلمنا ذات يوم بمشروع (واصل) فلم يصل والله المستعان. احمد مكي العلاوي - مكة المكرمة