قال الضَمِير المُتَكَلّم: صدقوني وخذوني على قَد عقْلي الذي يعتبر إنفاق الدول النامية لثرواتها على الكرة (اللّسْتَك المنفوخ) في ظل فَقْر شعوبها، وافتقادها للبنية التحتية هَدرا للمال العام وتَبخيرا له في الهواء! ولكن بما أن الكُرَة أصبحت في عصر اليوم لغة تنطق بها شريحة كبيرة من المجتمعات، ولها صوت مسموع، والفرحة بانتصاراتها ترسم البسمة على وجوه بعض الشعوب، لتكون تنفيساً عن أحزان مكبوتة بسبب العوز والفقر؛ فإن واقعنا الرياضي يقول: مساكين أبناء الوطن الصغار الذين أدركوا الحلم خلال السنوات الماضية؛ فلم يشعروا بالفرحة ولم يلمسوا بهجة بأي بطولة ؛ بل كان نصيبهم الخَيّبَات والهزائم المتوالية رغم الوعود المتكررة بالتطوير ! أعزائي بعد هزيمة المنتخب السعودي من نشامى الأردن وخروجه من بطولة آسيا بخفي حنين الباليين؛ جلست مع نفسي أسائلها عن سبب النكبات المتوالية للرياضة السعودية رغم ما توفر لها من إمكانات مالية حكومية ورعايات من شركات خاصة، فكرت وفكرت، وبعد ثلاثة أدوار من (الشاي الأخضر على الطريقة الموريتانية اللذيذة) أدركت السبب إنه (المال)؛ نعم فقد كانت الكرة السعودية تعيش الانتصارات في زمن الهواية فلا يملك اتحاد الكرة من النقود إلا ما تقدمه الحكومة ، ولا يجد اللاعبون إلا مكافأة البطولات ؛ ولكن بعد إغراء مليارات شركات الاتصالات والقنوات الفضائية للكرة السعودية تغير الحال ، وأصبح الاهتمام من الجميع منصباً على كيفية اقتسام تلك الكعكة الكبيرة : * بعض المسئولين تحولوا إلى تجار شَّنْطة يحملون فيها برامج وخطط تطوير صورية ظاهرها الرحمة والوعود والأحلام الوردية ، وباطنها وحقيقتها لِتذهََب الكرة السعودية إلى الهاوية ؛ فالأهم أن تكون تلك البرامج تدر أنهاراً من الأموال؛ وهنا اختلط الحابل بالنابل وتقاطعت المصالح ؛ وبالتالي لا يعرف من هو راعي الكرة السعودية ؛ فكل شركة دفعت المقسوم للمسئول ، وتوقعت وزعمت أنها الراعي ! * طائفة من الإعلاميين الرياضيين كانت لهم أدوارهم المرسومة في نكسة رياضتنا ؛ لما أنهم كانوا أدوات لتلميع المسئول والتصفيق لبرامجه ، وحَمْل شَنْطَته ؛ مقابل الشرهات والرحلات الترفيهية ! * هناك بعض اللاعبين أغرتهم أموال الاحتراف التي دخلت خزائنهم ؛ ومعها تحولوا من أطفال شوارع إلى مليونيرات ، فتركوا ممارسة الكرة والاحتراف بفكره الحقيقي ، وسكنوا السهرات والاستراحات والسَفريات ! * الأندية الرياضية أصبحت يمتلكها (الهوامير إياهم)، وأصبحت وسيلة ومكاناً لتصفية الحِسِابات بينهم ، وهناك انتهى التنافس الشريف والأخلاق ، وظهرت المؤامرات فتوقفت الروح الرياضية والكرة الحقيقية ! الواقع المؤلم أن الكرة عندنا أصبحت محرقة للأخلاق والأموال، والحَل بالحلّ والتغيير وإبعاد الهوامير ! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .