نعلم أن التضليل سلوك يراد به إظهار الواقع بصورة مشوشة وضبابية وغير مكتملة المعالم والمعلومات ويراد به أيضا ذر الرماد في العيون وتزييف الوقائع وتحريف الكلم عن مواضعه كما يراد به أيضا السلب تحت جنح الظلام ووأد القيم الفاضلة ونحر السلوكيات القويمة وفي ضوء المحددات السابقة نستطيع القول أن بعض مشاريعنا الحكومية تقع تحت مظلة ذات المفهوم المشين يتضح بجلاء للمشاهد والمتابع والمراقب الدقيق الكثير منها مما مورس في حياله ذلك الأسلوب فالدولة وفقها الله لا تبخل بتخصيص الأموال الطائلة والتي تكفي لتنفيذ تلك المشاريع على أكمل وجه وأفضل صورة لكن بمجرد أن تذهب تلك الأموال إلى مؤسساتها القائمة على تلك المشاريع نجد بعضها يبدأ في الذوبان والتوهان في مسارب سلوك التضليل فنجد أن المشروع الذي يخصص لتنفيذه مليار على سبيل المثال يتحول بفعل فاعل إلى بضعة ملايين بعد أن يدخل تحت أسلوب التنفيذ من الباطن ثم نجد أن الجزء الأعظم من ذلك المبلغ المخصص يذهب إلى جيوب أفراد والقليل منه يذهب إلى التنفيذ الفعلي وبالطبع كل ذلك يمارس تحت مظلة التضليل في العقود وكتاباتها والتضليل في المخصصات وقيمتها والتضليل في المسميات ثم نجد أن ذلك المشروع الضخم في مخصصاته ينكمش ويتراخى ويسوء تنفيذه فتكون النتيجة التي لا يمكن تداركها وإصلاح عيبها إلا وهي ضمور التنمية وانحراف مسارها بالعودة إلى الوراء فيكون الوطن ممثلا في حضارته ومستقبله هو الخاسر الأوحد. وفي جانب آخر لا يقل أهميته عن سابقه نجد أن ممارسة ذلك الأسلوب المشين يتم من خلال التدوين الوهمي والتزييف الرقمي الذي يقدم للجهات العليا وهو سلوك غالباً ما يمارس من قبل المسؤول غير الأمين عندما يتخذ من صلاحياته وسلطاته الممنوحة له أداة لممارسة ذلك الأسلوب المشين فيبدي الكثير من المعلومات والبيانات المضللة لم هو فوقه في محاولة منه لوأد الواقع وتزييف الحقائق وهذا بالتأكيد لا يتم إلا بعد أن ينام ضميره وينحرف سلوكه ويموت وازعه الديني وهو لا يعلم أن ذلك الأسلوب هو أعلى مراتب الكذب الذي نهى عنه ديننا الإسلامي ووعد من يمارسه بالعذاب العظيم. وفي جانب آخر من جوانب التضليل نجد أن أخطر من يمارسه هي أجهزة الإعلام حيث نجد البعض منها يمارس أسلوب التضليل والتزييف بصورة مكشوفة لا يغفل عنها المتابعون، فالإعلام بدوره العظيم يعد الأداة الأكثر تأثيراً في كشف الممارسات الإيجابية والسلبية وفي كشف الحقائق وتوضيح خفاياها وهو الأكثر مقدرة على التحليل والوصف كونه يمتلك الصوت والصورة والمعلومة والأداة الأكثر سرعة في إيصالها لذا نجد أن أجهزة الإعلام إذا صدقت وأحسن تحمل الأمانة الموكلة إليها تستطيع أن تحد الكثير من القضايا وتعيد الكثير من الممارسات المنحرفة إلى طريقها الصحيح وأن توقف الكثير من الممارسات المؤسسية والفردية المشينة كما وأنها تستطيع أن تنحرف بالأمة إلى متاهات متعرجة إذا مارست أسلوب التضليل المشين وهنا يكمن الخطر الأكبر الذي يذهب ضحيته مقدرات الأوطان ومنجزاتها والله تعالى من وراء القصد. www.Dr-muhammed.net [email protected]