أكد أن وزارة الحج أكثر معرفة باحتياجات وتطلعات ضيوف الرحمن قال فائز صالح محمد جمال عضو الهيئة العليا لتطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة سابقا ورئيس المجلس التنفيذي لحجاج جمهورية مصر العربية سابقا والباحث في الشأن المكي إن وزارة الحج تعاني من روتينية الأداء خاصة فيما يتعلق بالتعاطي مع مشاكل مؤسسات الطوافة. وأوضح في الجزء الثاني من حواره مع «المدينة» أن كثيرًا من المطوفين فقدوا الأمل في إنصاف الوزارة لهم وذلك على الرغم من دورها الحيوي الهام لقربها من هموم المؤسسات وتطلعات الحجاج. ونوه بالتطور الذى شهدته علاقة الوزارة مع مؤسسات الطوائف مشيرا إلى مرحلة منح الثقة التى تشكلت فيها قناعات الوزارة في اتجاه الانسحاب من مواقع التشغيل المتقدمة التي وصلت إليها إلى مرحلة الإشراف والتنسيق. ودعا إلى ضرورة أن تدخل العلاقة بين الجانبين مرحلة تعزيز الشراكة داعيا هذه المؤسسات إلى التغيير للافضل من خلال اطلاق الانتخابات وضخ دماء جديدة في الادارة . وطالب بضرورة انخراط مؤسسات الطوافة في تقديم الخدمات للمعتمرين مشيرا إلى أن ذلك من شأنه التغلب على الطبيعة الموسمية لعمل هذه المؤسسات في ظل تطور وسائل النقل وتقلص فترة بقاء الحاج في المملكة لأداء الفريضة. فإلى الجزء الثاني من الحوار: تهميش دور وزارة الحج * هل تم تهميش دور وزارة الحج في أعمال الحج؟ دعني في البداية أقول ليس فيما ذكرته قولاً بتهميش دور وزارة الحج ولا قصر الدور على وزارة الداخلية وإنما ما أشرت إليه في إجابتي السابقة هو غلبة الحس الأمني وليس قصر الأمر على وزارة الداخلية أن القول بالقصر فيه إجحاف بحق جميع الوزارات والجهات الأخرى المشاركة في خدمة الحجاج ووزارة الحج دورها محوري وهام جداً ضمن منظومة الحج، لأنها من خلال إشرافها وقربها من القائمين على مؤسسات أرباب الطوائف المعنية بخدمة الحجاج في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة والمنافذ الأخرى تُعد أكثر الوزارات معرفة باحتياجات ومتطلبات وأيضاً شكاوى الحجاج وبالتالي في رأيي لا بد أن يُعطى لآرائها وأطروحاتها وزنا أكبر فيما يصدر من قرارات اللجان العليا والمركزية للحج . فلا يصح مثلاً أن يكون دور وزارة الحج في مشروع الخيام في منى يقتصر على استلامها من وزارة المالية وتسليمها لمؤسسات الطوافة ومؤسسات حجاج الداخل ولا يصح أن من يدرس و يقرر بدائل الإسكان في منى وزارة الشؤون البلدية والقروية ويقتصر دور وزارة الحج على استلام ما تقرره الأولى من بدائل، فهي تواجه تبعات ضيق المساكن من خلال ما يواجهه المطوفون الذين تُشرف عليهم من مشاكل وصعوبات مع الحجاج وهي من يتلقى الشكاوى من الحجاج وهي من يبذل مع مؤسسات الطوافة جهوداً كبيرة من أجل استرضاء الحجاج وتطييب خواطرهم ولذلك لا بد أن يكون لها دور أكبر ورأي ذو وزن أكبر فيما يتم إقراره من مشروعات تطوير الإسكان في منى هذا على سبيل المثال وللتوضيح لكيفية مساهمة الجهات المعنية بالخدمات في إحداث التوازن بين الأمني والخدماتي والنهوض بمستوى الخدمات بما يليق بسمعة الدولة وما تبذله من جهود عظيمة في خدمة ضيوف الرحمن. جمود وزارة الحج *ما الصعوبات التي تواجه وزارة الحج فيما يتعلق بمشاكل مؤسسات الطوافة؟ في تصوري ليس هناك صعوبات بقدر طبيعة تعاطي الوزارة مع مشاكل المؤسسات والتي ينتهي غالبيتها إلى الحفظ في الأضابير وعلى الرفوف حتى فقد الكثير من المطوفين الأمل في إنصاف الوزارة لهم عندما يتظلمون أو يشكون من مخالفات بعض المؤسسات. *-كيف يمكن إحياء دور الهيئتين العليا والابتدائية لأرباب الطوائف للبت في مخالفات مؤسسات الطوافة؟ لدي تصور شامل في هذا السياق بحيث تكون الهيئتان بالإضافة لمهامها الحالية بمثابة المرجع في تطبيق النظم التي تحكم أعمال مؤسسات أرباب الطوائف ويمكن أن تساند وزارة الحج بالبت في الشكاوى التي ترد من بعض أرباب الطوائف نتيجة بعض المخالفات التي قد تقع فيها مؤسساتهم ففي رأيي أننا في حاجة إلى تعميق العمل المؤسساتي وتطوير هياكل وأساليب عمل وزارة الحج والهياكل الداعمة لها مثل الهيئتين العليا والابتدائية والهيئة التنسيقية وأن يكون التطوير وفقاً لنظرة استراتيجية تهدف إلى إحداث تطوير نوعي فيما تقدمه منظومة وزارة الحج من خدمات ومراعياً لتناغم جميع الهياكل وعدم تعارض أعمالها أو ازدواجيتها. تعزيز الشراكة بين الوزارة والمؤسسات *كيف نعزز الشراكة بين المؤسسات ووزارة الحج؟ أشكرك على هذا السؤال فقد أتى على ما يشغلني منذ فترة فلدي فيه مجموعة من الأفكار والرؤى تكونت من واقع تجربتي وخبرتي في مجال الطوافة وخدمة الحجاج وأيضاً دراستي العلمية التي خصصتها في ذات المجال وهنا لا بد من التوضيح بأن العلاقة بين وزارة الحج ومؤسسات أرباب الطوائف مرت بعدة مراحل فمنذ بدء التحول من العمل الفردي إلى العمل الجماعي بتشكيل مؤسسات تجمع أرباب الطوائف الأربعة التي تقدم خدماتها لضيوف الرحمن وهم (المطوفون ومكتب الزمازمة ومكتب الأدلاء ومكتب الوكلاء) بدءًا من عام 1402ه تعاقب على وزارة الحج عدد من أصحاب المعالي الوزراء وكان لكل منهم بصمته وأثره وبالتالي فقد مرت علاقة الوزارة بمؤسسات أرباب الطوائف بعدة مراحل وإن جاز لي تسميتها فهي كما يلي مرحلة التشكيل وأعني صدور القرارات السامية بالتحول من العمل الفردي إلى العمل الجماعي واكتمال تأسيس مؤسسات أرباب الطوائف التسعة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة ما بين 1398ه وحتى 1405ه وتشكيل هياكل وأنظمة ولوائح أعمال المؤسسات وقد شهدت أيضاً تدخل جهات رقابية حكومية في الرقابة على أعمال المؤسسات وامتدت هذه المرحلة تقريباً إلى عام 1413ه والمرحلة الثانية هي مرحلة التشغيل وهي التي اصطبغت بتدخل مباشر من الوزارة في تفاصيل عمل المؤسسات إلى حد التدخل في تشكيل مجموعات الخدمة الميدانية واستمرارها في تعيين وعزل رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المؤسسات ورسم هياكلها الإدارية ووضع لوائحها المالية وهذه الفترة امتدت تقريباً حتى 1419ه ، والمرحلة الثالثة هي مرحلة منح الثقة وفي هذه المرحلة بدأت قناعات الوزارة تتشكل في اتجاه الانسحاب من مواقع التشغيل المتقدمة التي وصلت إليها إلى مواقع الإشراف والتنسيق وبدء مفاهيم الشراكة ومنح الثقة للقائمين على المؤسسات ولأرباب الطوائف وبالتالي دعم مبادراتهم التطويرية وتفعيل دور الجمعيات العمومية وأسلوب الانتخابات لمجالس إداراتها والأهم هو الدور التنسيقي الذي لعبته الوزارة بين مؤسسات أرباب الطوائف والجهات الحكومية ذات العلاقة بالحج . واكتسب هذا الدور أهميته من الأثر الذي انعكس إيجاباً على مستوى الخدمات التي تُقدم لضيوف الرحمن وقد أثبتت الإذرعة الأهلية لوزارة الحج وأعني بها مؤسسات أرباب الطوائف في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة خلال السنوات الماضية جدارتها وقدرتها على لعب أدوار هامة وحيوية في تطوير وتحسين كل ما يُقدم لضيوف الرحمن من خدمات أثناء تواجدهم في الديار المقدسة ولمس ذلك جميع الجهات المعنية بالحج وكان موضع تقديرها إلى أن تم تتويج ذلك بالقرار السامي الكريم بإنهاء الصفة التجريبية عن هذه المؤسسات و تثبيتها قبل ثلاث سنوات وهو ما يشجعني إلى تكرار كلامي عن إعطاء وزارة الحج دوراً أكبر وأن يكون لرأيها وزناً أكبر في منظومة الحج وجميع المشاريع التي تنفذ من أجل الحجاج، فموقعها على تماس مباشر مع الحجاج ومن يقدمون لهم الخدمات يعطيها قدرة أكبر من غيرها على إعطاء الرأي الصحيح خدماتياً والآن مطلوب الانتقال إلى مرحلة الشراكة ففي تصوري أن المرحلة القادمة هي مرحلة دعم العمل المؤسساتي و تعزيز مفاهيم الشراكة لأن مؤسسات أرباب الطوائف الآن ليست من جهة الحجم ونوعية ما تقدمه من خدمات هي نفس المؤسسات التي تأسست قبل حوالي ثلاثين عاماً فأعداد الحجاج في بعضها تضاعف عدة مرات وخدماتها تنوعت وأعداد العاملين فيها سواء من أبناء الطوائف أو من غيرهم تضاعفت عدة مرات و تكرار بعض الشكاوي التي يتقدم بها بعض أرباب الطوائف تجاه المؤسسات يجعل صورة الوزارة تبدو وكأنها غير آبهة بأصوات الشاكين أو أنها غير قادرة على معالجة شكاواهم ولا مواكبة تطلعاتهم. ولذلك فإن مرحلة منح الثقة التي أشرت إليها آنفاً أثبتت أن الثقة التي مُنحت كانت في محلها وأننا الآن في حاجة إلى مرحلة جديدة تركز فيها وزارة الحج على دعم العمل المؤسساتي وتعزيز مفاهيم الشراكة وتفعيل الهياكل التنظيمية الداعمة لأعمال الوزارة ومن ذلك على سبيل المثال تطوير هيكل وأسلوب عمل الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف وجعلها فضاءً لنقل وتعزيز التجارب الإدارية الناجحة بين المؤسسات ومن ذلك أيضاً ما أشرت إليه حول إحياء الهيئتين العليا والابتدائية لأرباب الطوائف وتعزيز مكانتهما كجهات منتخبة يتم الرجوع إليها في تطبيق الأنظمة العامة التي تحكم أعمال مؤسسات أرباب الطوائف ومن أجل البت في المخالفات النظامية التي قد تقع فيها المؤسسات. *كيف يمكن تعزيز الشراكة ما بين الجانب الأمني والجانب الخدمي بحيث لا يطغى دور على الآخر؟ يجب إعطاء وزن أكبر لآراء الجهات الخدمية أو الأخذ بمقترحاتها وعلى رأس هذه الجهات وزارة الحج ومؤسسات أرباب الطوائف لالتصاقهم بالحجاج ومعرفتهم باحتياجاتهم ومذاهبهم وثقافاتهم ونقل هذه المعارف إلى الجهات المشاركة في خدمة الحجاج يساهم في تصويب خططها وبرامج عملها الموجهة لخدمتهم وهذا في النهاية يصب في تحقيق الأهداف السامية للدولة في خدمة ضيوف الرحمن فالمسألة ليست تدافعاً بين الأمني والخدماتي وإنما التكامل بينهما. الخوف من الانتخابات *هل هناك مقترحات تتعلق بمكةالمكرمة خلال موسم الحج؟ الحديث عن مكةالمكرمة زادها الله تشريفاً وتعظيماً في الحج يطول وقد يحتاج إلى حوار خاص ولكن دعني أكمل بعض الأفكار والرؤى حول الحج والطوافة التي تهدف إلى النهوض بمستويات الخدمة التي تُقدم لضيوف الرحمن ولعلي أبدأ بأهمية اعتماد وزارة الحج لمبدأ الانتخابات لأعضاء مجالس إدارة مؤسسات أرباب الطوائف منذ عام 1423ه والإشارة إلى أهمية ضخ دماء جديدة في المؤسسات فبرغم دوران عجلة الانتخابات لاختيار مجالس إدارة المؤسسات منذ عام 1423ه وانعقادها مرتين إلاّ أن الفكر التقليدي الميّال للتعيين هو السائد إذ لا يزال هناك شعور لدى البعض - سواء في الوزارة أو في المؤسسات- بالخوف من نتائج الانتخابات وأنها قد تأتي بغير الأكفاء وأشعر بأن هناك تضخيما لهذا الخوف وبأن الحج لا يحتمل التجريب في حين أن الانتخابات وببساطة سوف لن تأتي بأحد من خارج السياق فكل المرشحين هم من أبناء الطوائف الذين مارسوا مهنهم ويعلمون بواطنها وظواهرها وغالبيتهم متعلمون ويحملون أعلى الدرجات العلمية وحتى بفرض حدوث خلل في مجلس إدارة أي من المؤسسات فالحلول بسيطة وعديدة وأقصاها صلاحية الوزير بحل المجلس الذي أخفق في أداء دوره وإعادة الانتخابات لانتخاب مجلس جديد ولا داعي لهذه المبالغة في الشعور بالخوف من المجهول ولندع تجربة الانتخابات تأخذ مداها لتبرز لنا الأكثر كفاءة وتراكم تجاربنا في ممارسة العمل الجماعي المؤسسي وأنا أعرف أن الانتخابات تُعد بالنسبة للبعض بمثابة الخروج من منطقة الراحة و(دوشة) الدماغ – كما يقال- ولذلك هم أكثر ميلاً للتعين ولما يسمونه الاستقرار والذي تحول في الحقيقة إلى جمود وأعرف أيضاً أن السعي إلى الأفضل وتحديث أساليب عمل المؤسسات يحتاج إلى جهد كبير ومثابرة وليس أمامنا إذا كنا نريد التغيير إلى الأفضل إلاّ إطلاق الانتخابات وإزالة معوقات ضخ الدماء الجديدة في أجسام المؤسسات وتحمل تبعات ذلك والاقتراب من المؤسسات وتقييم أدائها والعمل على تطويره وأيضاً مساعدتها في مواجهة بعض التحديات مثل تحدي الموسمية على سبيل المثال فالطبيعة الموسمية لأعمال المؤسسات التي ترسخت بتطور وسائل النقل وتقليص مدة بقاء الحاج في المملكة تشكل تحدياً لها يتمثل في عدم تمكن المؤسسات من استبقاء بعض القيادات والكفاءات للعمل على مدار العام لعدم توفر حجم أعمال من جهة ومن جهة أخرى عدم توفر أموال تسمح باستبقائها وهو ما يضعف قدرتها على الاستثمار أكثر في تنمية وتطوير قدرات ومهارات مواردها البشرية وفي استبقاء الكفاءات وأيضاً عدم قدرتها المادية على الاستثمار في التقنيات وبحوث التطوير. ومن حسن الحظ أن مواجهة هذا التحدي ممكن من خلال إزالة العقبة النظامية التي حالت دون بدء عمل المؤسسات في خدمة المعتمرين فإزالة هذه العقبة سوف ينعكس إيجاباً على مستوى أداء المؤسسات في الحج لأنها سوف تتمكن من الاحتفاظ بعدد أكبر من القيادات والكفاءات وزيادة أعداد العمالة الدائمة وتتحقق جدوى الاستثمار في تطويرها وفي الاستفادة من التقنيات الحديثة والتمكن من إدماج الأدوات الإدارية الحديثة والإنفاق على بحوث التطوير الإداري وكل ذلك سيصب في النهاية في مصلحة الحج و يرتقي بمستوى ما يُقدم للحجاج والمعتمرين لما تملكه مؤسسات أرباب الطوائف من خبرات ومعرفة بثقافات ومذاهب واحتياجات مختلف الجنسيات التي تخدمها في الحج.