يبدو أن الحكمة الشعبية “إذا ظهر الجراد أنثر الدواء” قد برزت من جديد في قرى الليث مع ظهور أسراب الجراد في المنطقة. ورغم أن تلك الحكمة لا تؤمن بها وزارة الزراعة بعد أن رصدت 10 ملايين ريال لمكافحته بطائرات الرش بدءا من اليوم الأحد، إلا أن الأهالي أقاموا سوقا شعبية يرتادها عشرات المتسوقين لبيع وتسويق الجراد وتصديره الى أسواق وادي الدواسروالقصيم وحائل، حيث وصل سعر الكيس إلى 1000 ريال، لاعتقاد الكثيرين في فوائده الصحية والجنسية والعلاجية لكثير من الامراض، وهو ما ينفيه المختصون. ففي سوق قرية صلاق 66 كم شرق الليث جالت “المدينة” في الساعات الأولى من الصباح، بينما كانت أصوات الدلالين تعلو وتنخفض حسب أعداد الباعة والمشترين، وكانت المفاجأة أن كيس الجراد الأصفر البري قد بلغ ثمنه 1000 ريال، اعتبرها البائع حصيلة يوم من “المطاردة الليلية” خلف الجبال وبين الاودية البعيدة، لا سيما أنه عاطل عن العمل ووجدها فرصة للعمل والنزهة أيضا بين مناظر الربيع الخلاب. وكشفت جولة «المدينة» أيضا عن عرض أكثر من 50 كيس جراد تم تسويقها جميعا على عدد من التجار الذين جمعوها في جوالات كبيرة مخرومة بفتحات صغيرة حتى يتم الحفاظ على المحصول حيًا وإلا لن يتم شراؤه من قبل المستهلكين الذين حضروا من مسافات يزيد بعضها على 1500 كم. يقول محمد الذي قدم من بريدة لصيد الجراد: سمعنا عن تكاثر الجراد في الليث فشمرنا عن سواعدنا وبدأنا نتوافد عليه من كل مكان، ننام نهارا ونسهر عليه ليلا، حيث نقوم بالتخفي ليلا ونباغته في أماكن تجمعه وتزاوجه ثم نصطاده بأيدينا ونجمعه في أكياس نظيفة، البعض يصطاد ربع كيس وآخرون يملأونها حسب مهارات وحظ كل شخص، ثم نصلي الفجر ونبدأ في عرضها للمتسوقين والشريطية عن طريق الدلال الذي “يحرّج” عليها ثم تباع على الفور. يقول أحد المشترين، رفض ذكر اسمه: نشتري هذا الجراد بمبالغ قد تزيد أو تنقص عن 1000 ريال، ونكسب فيه الضعف في أسواق بريدة والأحساء وحائل، فهناك من يشتريه لعلاج أمراض الضغط والسكر، كما نسمع أنه يعالج الضعف الجنسي، وذلك بعد أن نجمعه في أكياس البصل الشفافة حتى يشاهده المشتري ويفحصه أمامه، لافتا الى أن حجم السوق اليومي يصل الى حوالى 8000 ريال في اليوم الواحد. ويوضح «دلال السوق» غيضان بن ضلعان: أنه يقوم يوميا بعرض المحصول الليلي للمشترين، حيث إن هناك سوقا رائجة للجراد لفوائده الغذائية والعلاجية. مشيرا الى أن المحصول بدأ يضعف يوميا بسبب عمليات الصيد اليومية، مشيرا الى أنه أحضر أحد أصدقائه المرضى من القصيم لا يستطيع المشي من مرض السكر وحينما قمنا بطبخ “كبسة جراد” بالملح والبهارات وتناولها بدأ يسير على قدميه ويشعر بتحسن في صحته العامة. وأبدى غيضان خشيته من قيام وزارة الزراعة برش هذه “الثروة” -على حد قوله- بالمبيدات الحشرية التي ستقضي عليه، إضافة إلى مناحل العسل وستسبب نفوق الاغنام وتلف هذه الحشائش والنباتات، معترفا في الوقت ذاته بأن المتضرر الوحيد من الجراد هم أصحاب المزارع حيث يسبب تلف مزروعاتهم. وكان مدير عام المركز الوطني لمكافحة الجراد وأبحاثه في وزارة الزراعة المهندس محمد حلواني أكد أن مكافحة أسراب الجراد والحوريات في بعض مناطق الليث وتهامة الباحة (قلوة)، ستبدأ اليوم الاثنين، وبشكل انفرادي مبعثر في القنفذة للحفاظ على المحاصيل الزراعية في تلك المناطق. حيث قدر إنفاق أكثر من 10 ملايين ريال للقضاء على أسراب الجراد والحوريات. وأكد أن الوزارة مستنفرة بعد رصد مواقع الجراد، وأن هناك أربع فرق للمكافحة وفرقتين تعملان بشكل مكثف للقضاء على الجراد والحوريات، مشيرا إلى أن الفرق رصدت تحركات الجراد بعد المطر في تلك المناطق، التي تشكل خطرا يهدد بالانتشار، مما يجعل التصدي لهذه الأسراب والقضاء عليها أمرا واجبا. وقال إن فرق الرش واجهت أثناء تأدية مهماتها تواجد النحالين ومربي المواشي في المناطق المطلوبة للرش، وحذر حلواني من اتجاه البعض إلى بيع الجراد وأكله لخطورته على الصحة العامة، لتعرضه للرش بمبيدات حشرية كيميائية لها خطورة على الإنسان. من جهة أخرى بدأ فرع الزراعة بالليث بتجهيز سيارات ذات دفع رباعي للبدء في حملات الرش بدءا من اليوم الاثنين بعد التنسيق مع المحافظة والشرطة، فيما يتساءل البعض عن دور البلدية في السماح بقيام سوق على هامش تكاثر الجراد بقرية صلاق.