يجلس إبراهيم عكاشة خارج مكتبه في جوبا عاصمة جنوب السودان وهو واحد من مئات الشماليين الذين يرفضون مخاوف البعض من التعرض لهجمات انتقامية ويفضلون البقاء وتطوير أماكن عملهم في الجنوب بعد انفصاله المتوقع. قال عكاشة قبل بدء الاستفتاء غدا والذي يعطي الجنوبيين حق اختيار الانفصال عن الشمال: “حياتي هنا. ولدت هنا. كنت هنا أثناء الحروب. كيف أذهب إلى الخرطوم؟” ويأتي موقفه هذا على النقيض من موقف عشرات الآلاف من الجنوبيين الذين تركوا الشمال في الشهور القليلة الماضية ولم يأبه كثيرون منهم بأحاديث عن أنهم قد يحرمون من الجنسية ويفقدون حقوقا أساسية بمجرد انفصال الجنوب. وصدرت تحذيرات مماثلة لمواطني الشمال في الجنوب. وفي الشهر الماضي دعت جماعة اللاجئين الدولية وهي جماعة مساعدات إلى توفير المزيد من الحماية للشماليين الذين قد يطردون قسرا أو يتعرضون لمضايقات. وعاد إلى أذهان الجميع أيضا استهداف التجار الشماليين في أعمال الشغب التي اندلعت في جوبا عام 2005 بعد وفاة الزعيم الجنوبي جون قرنق في تحطم طائرة هليكوبتر. لكن التكهنات المتشائمة لا تجد مكانا على ما يبدو في العاصمة الجنوبية العامرة بأجواء الاحتفالات قبل إجراء التصويت. ووعد سلفا كير خليفة قرنق ورئيس حكومة جنوب السودان الشماليين مرارا بأنهم لن يواجهوا أي مضايقات. ولعكاشة الذي انتقل أبوه إلى الجنوب عام 1904 الحق أيضا في التصويت في الاستفتاء وزين مكتبه بلافتة كتبت عليها عبارة “صوت للتنمية.. للانفصال”. وقال: “نود الانفصال لأننا بحاجة لتغيير... لم تكن هناك مساعدة كافية من الشمال لتحقيق الوحدة. لو كانوا قدموا قدرا أكبر من المساعدة لصوت الجنوب حسبما اعتقد لصالح الوحدة”. وينحدر والد عكاشة من قبيلة الجعليين في شمال السودان وهي من أشهر قبائل الشمال وتربى في مدينة شندي قبل أن ينتقل إلى جنوب السودان. وقال عكاشة: “جاء والدي سيرا على الأقدام مع الجيش (البريطاني). باع السجائر والصابون للجيش طوال الطريق.. تزوج أبواي هنا في جوبا وكان والدي تاجرا والآن أنا تاجر. سأبقى هنا في الجنوب. تعجبني الحياة هنا في الجنوب. سأحيا هنا وأموت هنا”. ولعائلة عكاشة مصالح تجارية في فنادق وشركات تأمين وبناء ونقل بضائع أساسية من الخرطوم إلى جوبا وهو يخطط الآن بالفعل لحياته بعد الاستفتاء. وقال: “سيتغير كل شيء. تفكر عائلتي الآن في المستقبل” وأضاف أن عائلته ستفكر في التجارة مع دول مجاورة مثل كينيا وربما أماكن أبعد مثل دبي.