يتجه السودان إلى انقسام حاد لكن بينما يتطلع قادة الجنوب إلى الاستقلال السياسي عن الشمال فربما يجبرهم الواقع الاقتصادي على الاعتماد على خصومهم السابقين. ويتوقع معظم المحللين انفصال الجنوب -الذي ينتج نحو 75 بالمئة من إنتاج السودان من النفط الذي يبلغ 500 ألف برميل يوميا- عقب الاستفتاء غد أن تستمر العلاقات بين اقتصاديات المنطقتين إذا ما تمكن الجانبان من تجنب اندلاع صراع مسلح من جديد. وقالت عابدة المهدي وزيرة الدولة للشؤون المالية سابقا: “في حالتنا هناك تعاون اقتصادي إجباري إذا لم يكن مرغوبا به... إذا ما أضر (الجنوب) بالشمال في مجال سيرد الشمال في مجال آخر لذا يحتاج الجانبان التعاون اقتصاديا لتسير الأمور في يسر”. ويحصل الجنوب الذي يضم نحو 20 بالمئة من سكان السودان البالغ عددهم 40 مليون نسمة على 98 في المئة تقريبا من ميزانيته من خلال إيرادات النفط الأمر الذي يجعله رهينة للشمال الذي يمتلك البنية الأساسية للتكرير ولشحن النفط وسيحتاج الجنوب سنوات لتشييد بنيته التحتية حتى وإن تمكن من التغلب على الصعوبات المالية. لذا يتعين على حكومة جنوب السودان أن تكبح توقعات شعبها وحتى بعض وزرائها بأنها ستتمتع بنسبة 100 بالمئة من إيراداتها النفطية عقب الاستقلال. وسيطالب الشمال بسعر أعلى في صورة إيجارات ورسوم لاستخدام المصافي وخطوط الأنابيب والموانئ. لكن لدى الجنوب ورقته الرابحة.. نظامه الخاص للعملة. وبالرغم من أن وحدة نقدية قد تكون هي الخيار الأرخص بالنسبة للجانبين فإن الجنوب يعتزم لأسباب سياسية إصدار عملته الخاصة بعد الانفصال. وإذا أقدم على هذه الخطوة بدون تعاون وثيق مع الشمال بشأن قضايا مثل التوقيت وسعر الصرف فإن الضغوط التضخمية على الجنيه السوداني قد تكون مدمرة. وقال إسبن بارث إيدي نائب وزير الخارجية النرويجي الذي يقدم المشورة للجانبين بشأن النفط: “الطرفان مؤهلان تماما لتدمير بعضهما البعض لكن على حساب تدمير نفسيهما”. ويقدر المحللون أن حكومة الجنوب ربما تتمكن من إضافة مليار دولار إلى ميزانيتها السنوية التي تبلغ نحو ملياري دولار من خلال الحصول على المزيد من عائدات النفط بعد الاستقلال.