لم يدر بخلد القراش (جامع الحطب) أن مطلع العام الماضي الهجري هو تاريخ نهاية صداقة العمر ورحلات الرزق مع فأسه ومنشاره ولم يصدق أن علاقته الوطيدة وصحبته الحميمة بهم نهايتها الفراق، بصدور قرار منع الاحتطاب ليطئطئ القراش رأسه وتسقط من يده فأسه ويولي أمام عينيه منشاره لتغرورق عيناه بالدموع بعد تنكر الاثنين لصداقته رغم توسله إليهما ومناشدته لهما بالبقاء إلا أن قرار المنع كان أقوى من أن يعودا إليه ووجد أن ثمن العودة تحت مظلة المهنة سيكلفه دفع غرامة مقدارها 2000 ريال وهذا مالا يستطيع القراش دفعه وربما لم يسبق له جمعه ورصده. ولم يشفع له تاريخه الحافل بالكفاح حين يخرج مبكرًا ولا يعود إلا بعد حلول الظلام يقطع ويجمع الحطب تحت أشعة الشمس الحارقة ويحمل الأوزان الثقيلة من الخشب على رأسه الغض وحين يخاطر بحياته وهو يتنقل عبر الجبال من صخرة لأخرى كل ذلك من أجل لقمة العيش الحلال وتوفير الدفء للآخرين وتمكينهم من تحقيق المتعة ومساعدتهم على إحياء تراث الاباء والأجداد بشبة النار وإعداد القهوة والطعام. وقد ساهمت معتقدات سادت بين الناس في الاقبال الشديد على سلعة القراش كقولهم: إن الطبخ وإعداد القهوة والشاي والخبز على النار لها طعم خاص ومذاق مميز وشبة النار من منظور البعض سمة من سمات الكرماء وأصبحت عامل جذب يغري بها الأصدقاء أصدقائهم لقبول دعوتهم.. وهو لا يأكل إلا من عرق جبينه وكسب يده وشخصيته شكلت في الماضي حضورًا رائعًا ومتميزًا فيما يعد اليوم من أسرى البطالة. عاطي عطية أجبرته ظروفه على العمل بهذه الحرفة يقول اليوم منظر القراش وحاله مثير للشفقة ووضعه داعٍ للقلق خصوصًا في ظل منع الاحتطاب وتوفر الغاز علاوة على محدودية حيلته وضعف خبرته ببقية المهن وإن كان دخله في السابق متواضعًا وبالكاد يفي لبعض المتطلبات الأساسية لحياته وحياة أبنائه إلا أنه بعد تلاشي مهنته تدهورت حالته وبات مهددًا بالافلاس بسبب منعه من الاحتطاب .