عاش أهالي حي السامر 3 والتوفيق بمحافظة جدة عقب الأمطار الغزيرة منذ يوم الأربعاء الماضي، مشهدًا خياليًا أشبه بما يحدث في أفلام هوليود "الكوماندوز"، حيث يتم إجلاء المناطق المنكوبة بقوارب من قبل الأبطال تحسبًا لأية هجمات من العدو قد تطال البلدة. وقد أعاد هذا المشهد لأهالي الحي ذكرى مأساة تتكرر كل عام مع الأمطار والسيول التي تغرق بيوتهم وأحياءهم، حيث تتجمع المياه وسط الحي لتملأ الأدوار الأرضية وتعطل حركتهم عندما يصل منسوبها إلى أكثر من ربع ارتفاع جدران المنازل، لتتوقف المركبات الصغيرة، ولا يجد أهالي الحي أمامهم من خيار سوى القوارب المطاطية. نعم هذا هو ما حدث بالفعل حيث اتجه الأهالي إلى شراء القوارب المطاطية لتسهيل تنقل المسنين والأطفال وشباب الحي لقضاء مصالحهم وشراء ما يحتاجونه وإيصال أبنائهم إلى مدارسهم، ومرضاهم إلى المستشفى. ولم تتوقف معاناة الأهالي عند هذا الحد، بل ألحقت المياه أضرارا كبيرة بأصحاب العمائر والفلل حيث كسرب بواباتها واجتاحت مطابخهم وخلخلت أساسات بيوتهم - على حد قول أحد سكان الحي. وأكد عدد من سكان حي السامر 3 تحدثوا ل "المدينة" أنهم أبلغوا أمانة جدة عدة مرات بخطورة الوضع مطالبين بشفط المياه من شوارع الحي، ولكنهم لم يجدوا أي تجاوب حتى صباح يوم أمس بل إن أحد المسؤولين هددهم باستدعاء الدوريات الأمنية إن لم يلتزموا الهدوء - على حد قولهم. الأرصفة أولًا محمد رجخان قال: “بدأ البعوض يتجمع بشكل مخيف في الحي في ظل استمرار التجمعات المائية في مختلف أنحاء الحي الذي لا توجد به شبكات لتصريف المياه، بل إن مسؤولي الأمانة يعملون على رصف شوارع فرعية في الداخل ويعتبرونها ضمن أولوياتهم قبل تصريف المياه". ويؤكد أحمد بن عطية المالكي أن المياه أغرقت الشوارع منذ بدء هطول الأمطار يوم الأربعاء الماضي، مبينا أن العائلات تضررت من هذا الوضع دون مبادرة الجهات المعنية إلى سحب المياه. وأشار أنور عبدالله الشيخ إلى أن جيرانه اضطروا للتنقل في قوارب مطاطية بسبب ارتفاع منسوب مياه الأمطار، ولفت إلى أنهم طلبوا من مسؤول الأمانة الإسراع بشفط المياه، إلا أنه طلب منهم التريث ريثما يتم شفط مياه الشوارع الرئيسة. وأضاف: “لا نعلم أين مشروعات تصريف مياه الأمطار!! فالبيوت كما هي وتجمعات المياه في كل موقع بالحي، مما تسبب في تكاثر البعوض والحشرات وهو ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من تفشي الأمراض والأوبئة وعلى رأسها حمى الضنك". مياه الصرف تدخل البيوت أما مزيد الحكمي فيقول: "تضررنا وتكسرت أبوابنا وهبطت المطابخ وتعطلت خدمات الهاتف والكهرباء، ودخلت مياه الصرف إلى بيوتنا، وهذه المعاناة مستمرة منذ يوم الأربعاء الماضي، دون أن يتم سحبها". ويطالب الحكمي بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم وبمنازلهم حيث دمرت المياه الأدوار الأرضية لمبانيهم وأساساتها وأتلفت المطابخ الأرضية. ويضيف طلال محمد الزهراني: نقلت إلى منزل بالإيجار من العام الماضي، وها هي المعاناة تتكرر هذا العام، مع استمرار عدم تفاعل الأمانة مع بلاغاتنا لشفط المياه بالشكل المطلوب، فلا أحد يستطيع أن يدخل بيته أو يخرج منه، كما لا نستطيع أن نشرب من مياه خزاناتنا". إجازة من الدراسة بينما قال عبدالله شوعي حداد: "أعطيت أبنائي إجازة من الدراسة وقمت بتصوير الوضع بالفيديو وأرسلته إلى مدير المدرسة ليرى حجم المعاناة التي نعيشها ويعذرني في تغييب أبنائي". وينتقل الحديث إلى أحمد سعيد حيث يقول: "الدور الأرضي من منزلنا لم يعد صالحًا، حتى مركباتنا تعطلت وخسرت مركبتين تعطلتا بسبب الأمطار، فأهالي الحي لا يستطيعون التنقل إلا بواسطة القوارب، حتى الأكل لا يمكن أن نأخذ راحتنا فيه، وليس ذلك فحسب بل حتى المرضى لم نتمكن من نقلهم، فابنتي أصيبت في قدمها ولم أتمكن من نقلها للعلاج". ويروي حسين ظافر الشهري معاناته في الحي قائلا: “نحن محبوسون في الحي منذ يومين لا نستطيع الخروج منه بسبب تراكم المياه، حتى أبناؤنا أوقفناهم عن الدراسة”.