ربما تنطق المحكمة الإدارية التابعة لديوان المظالم في منطقة القصيم، بالحكم في دعوى تقدمت بها أستاذة أكاديمية ضد جامعة القصيم، اتهمت فيها الجامعة أنها أنهت ندبها من جامعة الملك فيصل في المنطقة الشرقية إلى جامعة القصيم، بشكل تعسفي ودون وجه حق أو مبرر مقنع. وفي تفاصيل حول هذه القضية، فإن جامعة القصيم أنهت ندب عضوة هيئة التدريس ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية في كلية التربية للبنات التابعة للجامعة الدكتورة حصة الكهلان، على خلفية خطاب مناصحة تقدمت به مديرة مدرسة ابتدائية في عنيزة، ذكرت فيه أن إحدى طالباتها نقلت عن شقيقتها الطالبة الجامعية أن الدكتورة الكهلان قالت للطالبات «الصلاة شيء قديم فلا تصلوا». وإزاء هذا القرار، رفعت الأكاديمية قضية تظلم ضد جامعة القصيم، وأوكلت للترافع عنها، كلا من زوجها عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم الدكتور حمد عبدالعزيز الخرب والمحامي عثمان التويجري، وعقدت المحكمة ست جلسات للنظر في هذه الدعوى منذ شهر ربيع الآخر من العام الجاري. وقال زوج صاحبة الدعوى الدكتور الخرب بحسب عكاظ: إن نظام التعليم العالي يستلزم إصدار قرار من مجلس الجامعة بعد توصية المجلس العلمي، لإنهاء ندب أي أكاديمي أو أكاديمية، وهو ما لم يحدث، وأشار إلى أن إنهاء ندب الدكتورة الكهلان ترك فراغا واضحا في الكلية وكلفت متعاقدة وافدة لشغل مكانها. وجاء في المذكرة الأولى التي تقدمت بها الدكتورة الكهلان إلى المحكمة الإدارية مطالبتها بالاطلاع على الوثائق التي تثبت صحة الإجراءات التي اتبعتها الجامعة قبل التوصل إلى القرار الذي يقضي بعدم قبول ندبها، فيما ذكرت الجامعة في مذكرتها التي تقدمت بها للمحكمة أن هناك خطابا له طابع السرية يتضمن شهادة طالبة في المرحلة الابتدائية أن الدكتورة الكهلان قالت لطالباتها ومن بينهن شقيقتها عبارة «الصلاة شيء قديم فلا تصلوا». وكانت مديرة المدرسة الابتدائية وجهت خطابا إلى عميدة كلية البنات في محافظة عنيزة، روت فيه موقفا حدث داخل المدرسة، وقالت إن إحدى المعلمات كانت تتحدث مع الطالبات في الفصل عن أهمية الصلاة، بحضور مديرة المدرسة، فتقدمت طالبة وطلبت الأذن بالحديث وقالت ببراءة «يا أستاذة في كلية البنات أستاذة تقول لأختي والطالبات إن الصلاة شيء قديم فلا تصلوا». لكن مصدرا تربويا في عنيزة نفى أن تكون إدارة التربية والتعليم للبنات في المحافظة كتبت إلى جامعة القصيم خطابا بهذا الخصوص، وألمح إلى احتمالية أن تكون المدرسة المذكورة اجتهدت بنفسها وخاطبت كلية البنات في الجامعة، وجاء قرار الجامعة بناء على هذه المخاطبات. إنك حين تسمع أو تقرأ مثل هذه الوقائع والاخبار، تتساءل متعجبًا أين ذهبت دروس ومحاضرات وثقافة التربية الإسلامية، التي توصي باتباع نهج السلف الصالح فيما يخص التماس العذر للمسلم وإن أخطأ، فطفلة صغيرة في المرحلة الابتدائية تنقل عن أختها في الجامعة مقولة لإحدى الاكاديميات، ينبني عليها حكم إداري وتبعات اجتماعية، لقد افلست التربية الإسلامية التي ظلت مجرد شعارات ولم تتجسد كنسق ثقافي سلوكي، فأين مديرة المدرسة وأين مدير الجامعة وأين هم من جيّش الأجهزة الرسمية لتنشغل بحدث من القول، اين هم من اخلاقيات ووصايا السلف الصالح كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ولا تظنن بكلمة خرجت من إنسان شرا وانت تجد لها في الخير محملا ) وقول الشاعر: رزقت أكرم ما في الناس من خلق إذ رزقت التماس العذر في الشيم فكيف لا يلتمس الإنسان المسلم الذي يتلقى يوميًا دروسًا مكثفة من الوعظ الديني، كيف لا يلتمس لاخيه المسلم عذرا بل ويتسلط عليه باساءة الظنون والتفتيش عن النوايا التي ما أمر بها والسعي خلف الظن السيئ وتحريش الشيطان، وتفسير الكلام المنقول بأبشع التفاسير والمعاني. إنّ التماس العذر للآخرين و تقدير الظروف التي يعيشون في لجّتها هو الكفيل بعدم ظلمهم بإساءة الظنّ بهم، وهو المساعد على صفاء القلوب من الضغائن والاحقاد. فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقًا أو حزنًا حاول التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذرًا. وقول ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه. فهل نحن لا نحسن غير التشغيب على الناس حتى في الكلام الذي تنطق به ألسنتهم، فلا نعرف سهو اللفظ ومراعاة فلتات اللسان، وحمل الكلام على أحسن الوجوه، وإن كان امر الصلاة في الإسلام عظيم، فالمسلم اعظم عند الله، ماله وعرضه ونفسه وكرامته.