* وبينما نطالع أخبار مجلس الشورى ومنها إقراره مؤخرًا إنشاء مجلس أعلى للعمل التطوعي وتعيين رئيسه بمرتبة وزير، نطالع أيضًا صورة معبر وتعليقًا صحفيًا عليها عن اضطرار مدارس مكةالمكرمة بتقديم وجبات إفطار في يوم عاشوراء للطلاب المنتظمين في الفترة الدراسية المسائية. لا أدرك مغزى العلاقة بين مفهوم التطوع والمسؤولية الاجتماعية كجزء لا يتجزأ من هذا الميدان التنافسي الواسع فكلاهما يصب في معين واحد هو النهوض بالمجتمع من عثراته وأزماته والمشاركة في إيقاع الأحداث الدائم والمتغيرات وحالات الطوارئ والضرورات. إذا فالتطوع إحساس عالٍ بالمسؤولية ورد فعل فردي وجماعي لمد يد العون في الأحداث والمواقف المحيطة بنا. فيرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأريحية وهي تلك المشاعر المشتركة التي تظهر في التوقيت المناسب لها فتتحول إلى مظاهر من التنافس والمسارعة في أجواء من التلاحم والتراحم وسرعة الاستجابة لدواعي الحدث في المناسبات والفاعليات المتعددة وفي حالات الأزمات والكوارث الذي ترجمته كارثة سيول جدة إلى قصص ووقائع نسترجعها حتى الآن فالتطوع غير وارد فيه الجانب الاضطراري بقدر التحلي بالقناعة الذاتية للمشاركة في الجهود المتعاونة فاليد لا تصفق وحدها. وقد يختلط الأمر بالازدواجية بين أعمال الخير والصدقات وجوانبه المتعددة التي نمارسها بتوجيه إلهي من تعاطف القادرين على المحتاجين بالمناسبات الدينية ونظنها كافية تؤدي الغرض - ولكن ما إن يبدأ العام دورته معنا وانشغالاته واهتماماته ننقل هذه المبادرات الجماعية وتصبح على نطاق فردي بين الحين والآخر. لهذا فإن مفهوم التطوع وارتباطه بالمسؤولية الاجتماعية يتخذ مسارًا اجتماعيًا وإنسانيًا مستدامًا، يتيح لنا فرصًا أرحب لخدمات بيئة وإغاثية في الطوارئ والأزمات والكوارث لا سمح الله وتشجيع المساهمة في المناسبات والفاعليات الدورية من خلال صروح وفرق تطوعية جاهزة تحت الطلب لتوفير العتاد اللازم والتعهد بتقديم الجهود المتنوعة الذاتية المالية، العينية، المهارية. ويتبلور هذا المفهوم الواسع بوضوح كلما اتجهنا نحو الشعوب الأخرى إلى مظاهر يسعى كل مجتمع لتطبيق فضيلة التطوع وارتباطه بالمسؤولة الاجتماعية تبعًا لقناعاته ففي أمم آسيوية نجدها تحرص على تفعيل النظام والمحافظة على البيئة وتجميلها بشكل متعاون وأيضًا “تعالج مشكلة الجوع جزئيًا” بالتطوع لتقديم الأطعمة المجانية في ساحات وميادين مفتوحة مخصصة لهذا الغرض اعتقادًا منهم أنها لاطعام الكائنات والأرواح ويحرصون على جعلها صالحة للتناول الآدمي الصحي الآمن أيضًا”. * وفي الغرب الأمريكي والأوروبي ما أكثر جوانب المسارعة والتنافس بين الأحياء السكنية في النظافة البيئية وتجميلها بجهود ذاتية وإحكام النظام وأيضًا تسعى المساجد والكنائس والجامعات والمدارس لفتح ساحاتها وأبوابها مع كل المناسبات والفاعليات الدينية والوطنية والاجتماعية والانسانية على مدار العام للزائرين بالأحياء المحيطة من مختلف الملل والمعتقدات والتطوع بإطعامهم بوجبات متنوعة مجانية وجلب الألعاب الترفيهية للأطفال وتوزيع الهدايا والحلوى المحببة المجانية لقضاء يوم عائلي سعيد وكثيرًا ما يلبي أبناؤنا المبتعثون هذه الدعوات فيخفف عنهم وطأة الغربة الموحشة، كما أن في حالات الطوارئ والأزمات تنهمر المساعدات بأنواعها من كافة الصروح والمواقع الأهلية وأشكال الدعم للمناطق المنكوبة دون انتظار لتدخل رسمي، فلعلنا نستطيع الاستفادة من واقع تجارب الأمم الأخرى لإنجاح مشوارنا التطوعي المسؤول والمنظم. SalwaMosly.jeeran.com