قال سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، وأن من يحملون السلاح ليسوا من أبناء الوطن. وشبههم ب“الخوارج” الذين حملة السلاح في وجه الصحابة رضوان الله عليهم. وأشار إلى أن محاربة الفكر الخاطئ مسؤولية الجميع وأن الأعداء الذين يحاربون هذا الوطن هم أعداء الإسلام واهله، داعيًا إلى الاستمرار في الدعوة وتوحيد الجهود للتصدي للفكر الضال والفئة المنحرفة. واضاف أن السياسة الحكيمة لولاة الأمر هي التي وفرت لنا الامن والاستقرار، وعناصر الرخاء، وان الهدف من محاورة هؤلاء ليس بهدف التشفي بل من اجل الاصلاح والاستصلاح لمن حاد عن الصواب، مؤكدًا أن ابواب ولاة الأمر والعلماء والمسؤولين مفتوحة للجميع، وان ابواب الدعوة مفتوحة ايضًا من اجل البناء والاصلاح ووحدة صف لا من اجل الهدم والفساد والقتل والتدمير. وكان سماحته، وفي سابقة اولى من نوعها، عقد لقاء مغلقًا استمر اكثر من ساعة ونصف، مع المسؤولين عن حملة “السكينة” المختصة بمحاورة من يعتنقون افكار الارهاب والتكفير والتفجير عبر الانترنت، بحضور عدد من الذين تراجعوا عن هذا الفكر بعد محاورتهم. وتجاوز عدد الحضور 25 شخصًا يشكل من تراجعوا عن هذا الفكر نصف عدد الحضور، وامتنع مدير حملة “السكينة” الشيخ عبدالمنعم المشوح الكشف عن العدد الحقيقي للمتراجعين عن الفكر المتطرف من بين الحضور، بل كان هناك حرص تام على صعوبة تمييز دعاة الحملة عن التائبين في القاعة التي التقوا فيها مع سماحة المفتي العام، ونجح المسؤولون عن الحملة بالتعاون مع ادارة العلاقات العامة بالافتاء التي بذلت جهودًا كبيرة في الترتيب له، في المزج بين اعضاء الحملة والمتراجعين عن الفكر الضال. وشهد اللقاء اجراءات امنية مشددة، فلم يسمح بالدخول الا لعدد من الصحافيين، بعد التأكد من هوياتهم، قبل الدخول لدار الافتاء، وعند دخول القاعة التي عقد فيها اللقاء، الذي بدأ العاشرة صباح أمس وانتهى قبيل اذان الظهر، وسمح للعدد المحدود من الصحافيين بحضور ربع ساعة، حيث القى سماحة المفتي كلمته، وتعريف الشيخ المشوح بالحملة، ليبدأ بعدها اللقاء المغلق. وأكد سماحة المفتي العام في كلمته خصوصية المملكة البلد المبارك الذي يحكم بشرع الله، ويقيم حدوده، ويطبق شرعه، وقيادته التي تلتزم بأوامر الله وتتجنب نواهيه، وتقود المملكة بحكمة وحنكة، وتسعى إلى جمع الشمل ووحدة الكلمة، وتعمل على انتشار الامن والاستقرار للجميع. واضاف أن المملكة تربي ابناءها على كتاب الله وسنة رسوله، وتعرض إلى الدعوة إلى الله واخلاق الدعاة، مؤكدًا أن الدعوة تكون على علم وبصيرة، التزام الدعاة بالخلق، وادراك حقيقة ما يدعون اليه، مشيرًا الى أن الدعوة إلى الله اعظم واجل الاعمال، مطالبًا الدعاة بمعرفة خصوصية من يدعون واحوالهم، واختيار الاسلوب الامثل والاحسن، ثم تناول وسائل الدعوة من مسجد وحلق وخطب ومنابر إلى وسائل التقنية الحديثة، خاصة الانترنت، مطالبًا باستغلال مواقع الانترنت في الدعوة والحوار وايصال رسالة الإسلام. واثنى على موقع “السكينة” وما قام به ويقوم به بنشر العلم النافع وايضاح الحقيقة وكشف الشبهات، والتحذير من الفهم المنحرف والفكر الضال، مؤكدًا ضرورة أن يتجه الدعاة إلى الفضائيات ومواقع الانترنت، واستغلال هذه الوسائل في الدعوة إلى الله، وايصال رسالة الإسلام والتصدي للفكر المنحرف والفئة الضالة، ووجه دعاة “السكينة” نحو الفضائيات باستئجار قناة لنشر المفاهيم الصحيحة والتصدي للفئة الضالة، وان يقوم عليها دعاة ناصحون مخلصون يعرفون الحق وينشرونه، ويكرهون الشر. واكد المفتي العام على الصبر في الحوار مع من ضلوا وتلبس الأمر عليهم، وان يكون الدعاة ذا آفاق واسعة، ورفق ولين جانب، ورحابة صدر لتقبل الافكار والرد عليها، وتنقية الافكار السيئة والتصدي لها، بل وجه سماحته إلى المشاركة في القنوات الفضائية التي تبث باللغات الاوروبية والأمريكية والآسيوية، ونشر الدعوة بهذه اللغات. وعن لقائه ببعض الذين عدلوا عن الفكر المتطرف والرجوع للفهم الصحيح من المتواجدين في اللقاء قال سماحته: نحن سعداء برجوع هؤلاء الاخوان، فهم اخواننا وابناؤنا وقال سماحته في خطابه لهم: سعداء برجوعكم للحق، وتصوركم الحق، ونهجكم للحق، سعداء أن نراكم بين اخوانكم وابائكم واصحابكم وجيرانكم، سعداء وانتم في بلد الأمان تسعى قياداتها لاستئصال الفكر المنحرف... سعداء طالما استجبتم للنصيحة واقلعتم عن الفكر السيئ والتزمتم الحق ورجعتم إلى الفكر الصحيح... سعداء بوجودكم بين علمائكم الذين طالما ناشدوكم أن تكونوا يدًا واحدة مع ولاة أمركم، وصفًا واحدًا معهم، وعدم الانخداع بالآراء الشاطة والمنحرفة والذين يصورون لكم الباطل على أنه حق. واضاف سماحته في خطابه لمن تابوا واقلعوا عن الفكر المتطرف: “في قلوبنا لكم مودة ومحبة، أنتم اخواننا، هدفنا هو الحق هو هدفكم، همنا هو همكم هم الدين وعلو الدين، وهم الامة.. وهم هذا الوطن المبارك، الذي له حق علينا جميعًا.. نريد أن نحمي وطننا من كيد الكائدين.. ومن الأعداء والحاقدين والحاسدين لنا.. لا نريد أن نكون مطية لأعداء الدين وأعداء وطننا وأعداء الامة... هناك من يحقدون علينا ومن يحسدوننا على نعمة أمن واستقرار اوطاننا.. ومن يحسدون علينا رغد العيش”، وقال سماحته “إن السياسة الحكيمة لولاة أمرنا ولقاتدتنا هي التي وفرت لنا بفضل الله الامن والاستقرار، وعناصر الرخاء، ليس هدف احد التشفي في احد، بل الهدف الاصلاح والاستصلاح لمن حاد عن الصواب.. وان يفهم الناس الحق.. ابواب المسؤولين مفتوحة للجميع وابواب العلماء مفتوحة.. وابواب الدعوة مفتوحة اعملوا جهدكم وكونوا دعاة بناء واصلاح ووحدة صف لا دعاة هدم وفساد وقتل وتدمير.. أعداء الإسلام يغيظهم امن بلادنا واستقرارها.. والرجوع إلى الحق فضيلة وليس نقصًا بل النقص في الاصرار على الخطأ”. من جهته كشف الشيخ عبدالمنعم المشوح مدير حملة السكينة عن عدد الذين حاورتهم الحملة خلال السبع سنوان ونصف عبر الانترنت، والذين تجاوز عددهم ثلاثة آلاف شخص سواء كانوا من عناصر من الفئة الضالة او متعاطفين معها، تراجع منهم -كليًا او جزئيًا 1500 شخص، طبقًا للرسائل التي وصلتنا منهم، او من نتائج الحوارات المباشرة او غير المباشرة عبر الانترنت، مضيفًا أن ارسال الشخص الذي يعتنق فكرًا ارهابيًا او تكفيريًا رسالة ايجابية بعد الحوار معه نعتبر هذا نقطة تحول جيدة، ومؤشرًا على ايجابية الحوار معه، وقال المشوح لقد سجلت حواراتنا خلال العام الهجري المنصرم نتائج جيدة، فمعدل التراجعات وتغيير المفاهيم نحو الافضل جيدة، بل إن التراجعات على مستوى قيادات هذا الفكر المنحرف او المتعاطفين والمتعاطفات كان كثيرًا جدًا وعقب اللقاء المغلق فتح باب الاسئلة لسماحة المفتي العام فأكد أن ما طرح كان حوارًا هادفًا وموضوعيًا، واتى ثماره اليانعة، وباذن الله خير هذه اللقاءات والحوارات واضح. واشار سماحته إلى أن الشبهات التي يقع فيها البعض كثيرة ومتعددة ولكن غالبها ليست علمية، وانما تلوث فكري وجهل صاحبها لحقيقة الأمر. ونفى أن تكون هناك شبهات صعبة او ذات شأن وقال: كل هذه الشبهات رد عليها العلماء واهل العلم، وما التبس على البعض من شبه بسبب الجهل، وتلقي افكار لم يعلموا حقيقتها. واكد سماحته على ضرورة حوار العلماء والدعاة للجميع بمن فيهم من حملوا السلاح لبيان الحق والنصح واظهار الخطأ، فدور العالم بيان الحق، والفكر لا يحارب الا بالفكر، أما من حمل السلاح فليس منا، وان اقتنع وتاب ورجع وعاد إلى جادة الصواب فالابواب مفتوحة، مؤكدًا أن محاربة الفكر الخاطئ مسؤولية الجميع، واشار إلى أن من حملوا السلاح من قبل هم الخوارج وحملوه في وجه الصحابة ولما تمت محاورتهم رجع منهم اربعة آلاف شخص، وحث على دخول الدعاة مجال الانترنت وابلاغ الدعوة، واشار إلى الأعداء الذين يحابون هذا الوطن هم أعداء للإسلام واهله، وقال: لا بد من الاستمرار في الدعوة وتوحيد الجهود للتصدي للفكر الضال والفئة المنحرفة.