“كنت ومازلت أحمل في صدري ذكريات الأمس وحكاياته الجهمة ومتاعبه التي بدأت معي وأخذت تكبر وتكبر حتى اللحظة. ومن فرسان تلك الجزيرة النابتة في عين البحر كانت آمالي تدفعني إلى البعيد الذي لم يكن سهلا وكان الفقر مأساتي وكانت الواسطة هي تعاستي وشقائي الذي ظل يطردني من كل مكان ليمنح غيري مكاني، هذه المفردة العمياء التي لا لون لها لا ترحم البؤساء حين تسرق منهم الفرح وتصادره بعيدا عنهم لتقدمه لآخرين بظلم لا نظير له، هي ذات المفردة التي قتلت أيامي في الذهاب والإياب وكلفتني الكثير من المال الذي كنت أستدينه، ومن مآسيها أذكر كلمة مبروك وما قاله لي ذلك المسؤول بعد اجتيازي الامتحان ومن ثم يناولني أوراق الكشف الطبي لأذهب بجناح طائر وأنام لأستيقظ مبكرا وأعود لأجد في نفس المكان الصدمة ومن فمه المتسخ ناولني اللكمة وطلبه بتسليم الأوراق هكذا وبلا مبررات لأكتشف بعدها أن الوظيفة ذهبت لغيري والسبب الواسطة وبقيت هكذا أدور في مكاني ابدأ لأنتهي إلى لا شيء!! “لأجدها اليوم وقد كبرت، هي ذات الكلمة السوداء (الواسطة) التي أفسدت علينا حياتنا فأصبحنا نعتمد عليها كثيرا، لدرجة أن أحد أصدقائي قال لي عن حكايته مع الفوال والواسطة في شهر رمضان تلك الحكاية التي أصابتني باليأس والحسرة، أرأيتم كيف تنامت هذه المفردة وكيف تطورت لتصبح العادة السيئة والتي أجزم أن لا قيمة لها عند غيرنا من الشعوب التي تعرف قيمة النظام ويؤمنون بأهميته ويعتمدون على أنفسهم في أداء أعمالهم ويحققون كل ما يرجونه من خلاله، بينما نحن وبكل أسف يستحيل أن نذهب لأي مكان قبل أن نبحث في كل مكان عن واسطة، فمتى نستطيع أن نتخلص من هذه الآفة الكريهة ومتى نمضي بدونها، أعتقد أن لا أحد يحبها كما لا أحد يستطيع أن يتحرك خطوة واحدة بدونها!! ·خاتمة الهمزة.. سعيد شعبط هو شاب سعودي مات والده بعد تخرجه في الثانوية فقرر أن يعمل في شركة شهيرة لبيع الهاتف النقال، وكان قدره الفصل التعسفي الذي هبط عليه كالصاعقة ليحرمه من لقمة عيشه بظلم من رئيسه الذي تخلص منه ليضع غيره في مكانه، وكان قدري بعد أن اقتنعت بقضيته أن أذهب معه ليس للتوسط له في مكتب العمل والعمال بجدة بل للوقوف معه ضد الخطأ لا أكثر، ما أتمناه هو أن تنتهي قضيته بالسرعة القصوى.. هذه خاتمتي ودمتم .