قرأت كلمات عذبة عن الصداقة كتبها أحمد أمين رحمه الله في مجلة الثقافة (المصرية) في 27/10/1942 م أي قبل قرابة 70 سنة. كلمات تصور معاني الصداقة التي نفتقدها. حتى أنه ذكر من ضمن كلماته هذه يصف الصديق: “.. ثم كنتُ غريبا بين أهلي وولدي، فإذا بك حاضر في غربتي، مؤتنس في وحشتي، لانك في قلبي وقلبي معك، ما أظن أنه يفارقني ولا بالموت. لم أصادقك إلا بعد أن عرفتك كما عرفتُ نفسي، فمن عابكَ سقطَ من عيني، ومن انتقصك فإنما ينتقص من نفسه، فأذني صمّاء إلا عن مديحك، وقلبي لا يتفتح إلا عند الثناء عليك، وصداقتنا كآنية الذهب ليس يمكن كسرها”. ما أجمل هذه الكلمات التي خرجت من قلب صادق، أحس بعاطفة الصداقة فجاش فكره بها. بل ما أجمل الصداقة الحقة التي تلهم البشر معاني الوفاء والاخلاص والتضحية. وهذا ما عناه كاتبنا في قوله: “إن الحياة فراغ لولا أن تملأها صداقتك، وهي ظلمة حالكة لولا أن تنيرها مودتك” ولان القلوب ارواح مجندة ما تعارف منها ائتلف، فإن النفس لا يروقها إلا الصديق الصدوق. أو كما قال كاتبنا احمد أمين رحمه الله لهذا الصديق الذي نتحدث عنه: “إن الصداقة ميزتك من غيرك من كل ما في العالم، فكلما كنتَ نفسَك كنتُ أقرب إليك وكنتَ أقرب إلى قلبي”. ويصف كاتبنا القيمة الحقيقية التي وجدها في الصداقة فيقول: “صادقتك فاستصغرتُ متاعبي، وهزئتُ بهمومي، وظهر خير ما في نفسي، ودبّت القوة في ارادتي، وشعرتُ بالحرارة في همتي، فماذا كنتُ أكون لو لم تكن؟. إن حَزَب أمرٌ فذِكرك يحله، أو ضعفَ العزُم فصورتك تقوِّيه، أو أظلم الجوُّ فصداقتك تنيره، أو خيّم البؤس فاستحضارك يكشفه” ما أجمل هذه الكلمات وما أجمل معنى الصداقة وما أجمل الحياة برفقة صديق. معان كبيرة ليت أننا ندركها ونعيشها ونُعلي من قيمتها في نفوسنا. محمد الشريف - جدة