لا يخفى على أحد تلك الجهود السياسية التي تبذلها المملكة العربية السعودية في خدمة قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إضافة إلى الدور الذي تقوم به المملكة في دعم المنظمات والجمعيات الخيرية والإسلامية، كإنشاء رابطة العالم الإسلامي، وتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي، والدعم غير المباشر لعدد من هذه المنظمات والجمعيات كالندوة العالمية للشباب الإسلامي، ودعم مسيرة البنك الإسلامي للتنمية وغيره. كل هذا يضاف إلى المساعدات والحملات الإغاثية المقدّمة لكثير من الشعوب الإسلامية الأخرى لأجل تخفيف الآلام عنها، وكذلك الإصلاح بين الفرقاء العرب وتعزيز الوحدة بينهم، والمجهودات الرامية لدعم ونشر العلم والثقافة الإسلامية من خلال إنشاء المراكز الإسلامية والمدارس والمساجد، كل هذه الاستفسارات كانت موضوع البحث من قبل ملحق “الرسالة” في التحقيق التالي والتي يجيب عنها جمع من السياسيين والمفكرين الذين كان لهم باع طويل في خدمة قضايا الأمة لأجل تقييم تلك الجهود والمساعي المبذولة من المملكة. دور محوري وأساسي يبتدر رئيس المكتب الإعلامي لحكومة غزة الدكتور حسن أبو حشيش مؤكدًا أنّ السعودية محور أساس في المنطقة نظرًا لمركزها الديني وموقعها الجغرافي وتاريخها العريق، وبالتالي فليس من الممكن أن تكون على الهامش، فهي رائدة ومن أبرز رواد العالم العربي، ويقول: المملكة هي الدولة الأولى في تقديم الخدمات بشكل عام ونشر الدين في أوساط الجاليات الإسلامية، الأمر الذي أدى إلى تعظيم دورها في القضايا الأكثر مركزية وعلى رأسها القضية الفلسطينية لذلك فهي تسعى إلى توحيد صفوف الشعب الفلسطيني بشكل بارز ولا أدلّ على ذلك من اتفاق مكة الذي هدف إلى لم شتات الشعب الفلسطيني. وينتقل أبو حشيش للحديث عن جهود السعودية في إنشاء المراكز الإسلامية ودعم الموسوعات والمشروعات البحثية العلمية لنشر الثقافة الإسلامية وتأصيل العلم الشرعي لمسلمي العالم، قائلًا: دور السعودية يتمثل في التأكيد على معاني الوسطية في الدين والفكر الإسلامي من خلال عقد المؤتمرات والندوات التي توضح الأسباب المؤدية للانحراف والتطرف في المجتمعات الإسلامية والعربية، موضحًا أنّه يجب التعرف على العادات والتقاليد والذهنية لإيصال أي معلومة للمجتمعات الإسلامية حتى تستطيع أي جهة كسب الشارع. الأساس العام في العالم العربي وبدوره يرى أستاذ العقيدة الإسلامية في جامعة مؤتة الأردنية الدكتور عايد الجبور أنّ للسعودية دورًا عظيمًا في خدمة الأشقاء في فلسطين، وأفغانستان، وفي دول شرق آسيا، وغيرها من دول الجوار، وكذلك هنالك دور إنساني كبير تقوم به السعودية في مجال إغاثة المنكوبين على جميع المستويات وفي جميع البلدان الإسلامية. ويقول: للسعودية دور كبير في تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي التي أنشئت ردًا على إحراق المسجد الأقصى، ولها أهداف عظيمة منها دعم أواصر الأخوة والتضامن، وحماية المصالح المشتركة، واحترام حق تقرير المصير، وتشجيع الحوار بين الحضارات والأديان، إضافة للدور الذي لعبته في تأسيس العديد من المنظمات الإسلامية، والعمل على محاربة التطرف والغلو. وحول جهود السعودية في المجال الإغاثي يؤكد الجبور أنه لا يوجد من ينكر دورها في إغاثة المنكوبين في كل دول العالم ويقول: كلنا يعلم ماذا قدمت السعودية عندما أصيبت أندونيسيا والباكستان وكثير من البلدان بالزلازل والفيضانات التي تصاب بها باستمرار. ويختم الجبور بالحديث عن دور السعودية في مجال نشر العلم الشرعي والثقافة الإسلامية، مؤكدًا أنّها تعمل على تخريج العلماء لكي يسيروا على الطريق الصحيح دون تطرّف أو غلو من خلال اتباع النهج الإسلامي اتباعًا لا ابتداعًا، ويقول: هذا ما نراه ونلمسه في جميع بلدان العالم خاصة الدول الإسلامية كإندونيسيا وماليزيا والبوسنة والهرسك، وغيرها، من خلال عملها على تخريج أفواج في مختلف التخصصات الشرعية من كلياتها الشرعية على نفقتها الخاصة ومن ثمّ إرسالهم مرة أخرى إلى بلدانهم الأصلية ليكونوا سفراء لها. تاريخ عريق ودور اقتصادي من جهته يؤكد المحلل والأكاديمي في مجال العلوم السياسية الدكتور رائد نعيرات الجهود الكبيرة للمملكة في نصرة قضايا الأمة الرئيسية، مؤكدًا أنّ ذلك يعود إلى تاريخها العريق سواء على الصعيد السياسي تجاه القضية الفلسطينية، أو في مجال الإعمار التي تقوم به في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، إضافة إلى دورها الاقتصادي سواء على مستوى الحكومة، أو على مستوى رجال أعمالها، من خلال دعم المؤسسات الإغاثية. ويقول نعيرات: للمملكة دور أساسي في إنشاء رابطة العالم الإسلامي التي تقوم بدور مميز على مستوى العالم الإسلامي، والمجهودات التي تقدمها فهي محل اهتمام وتقدير وينظر إليها على أنّها انعكاس للدور الخاص الذي تقوم به السعودية والتي تعدّ منبر العالم الإسلامي. ويستعرض نعيرات الدور السعودي في الخارج لخدمة الأقليات الإسلامية وبخاصة في أوروبا والولاياتالمتحدة مادحًا هذا الدور من خلال وصفه بالدور الريادي المتمثل في جملة من الإنجازات والخدمات المقدمة لهذه الأقلية، ومن ضمنها ترجمة المصاحف، ودعم المساجد، وإقامة المراكز الإسلامية التي تروّج للفكر والثقافة الإسلامية. دولة محورية في المنطقة وعلى النسق ذاته يؤكد رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن المهندس علي أبو السكر أنّ السعودية تعدّ دولة محورية في المنطقة، وصاحبة دور مؤثر ويرجع ذلك إلى مكانتها الدينية وموقعها الجغرافي والاقتصادي، مشيرًا إلى الأدوار البارزة التي تقوم بها على مستوى العالم العربي والإسلامي وخصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويقول: للمملكة دور رائد في دعم الجمعيات والمنظمات الخيرية، إضافة إلى العمل التطوعي والدعوي الإسلامي وبالذات في بعض الدول الفقيرة، مثل دول أفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث كان للسعودية تأثير كبير في هذه الدول وفي ثقافة أبنائها، إلاّ أنّ المتغير الدولي بعد عام 2000م عمل على متابعة العمل الخيري والتطوعي من أجل تقويضه والحد من انتشاره. ويشير أبو السكر إلى أنّ المتتبع لما تقوم به السعودية من أدوار مختلفة على الساحة العربية والإسلامية يجد أنه قد حقق لها حضورًا بين مواطني هذه الدول، خصوصًا ممن درسوا في جامعاتها وكلياتها الشرعية حيث عادوا بمثابة سفراء لها في دولهم ليتحدثوا عن المكانة التي تتمتع بها السعودية في العالم العربي والإسلامي، ويتابع قائلًا: ما كانت السعودية تقوم به من حملات إغاثية سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي، كان محل تقدير، فهي لها دور مرموق في رفع المعاناة عن الدول الإسلامية المنكوبة، وكانت رائدة العمل التطوعي والإغاثي التي تتطلع إليها هذه الدول وباستمرار من المملكة. مكانة عالية على الصعيد نفسه يؤكد أستاذ القانون الدولي، ووكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة الدكتور أحمد أبو الوفا الدور السعودي في المنطقة قائلًا: ما من شكّ أنّها تحتلّ مكانة عالية في إطار العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، بل تتعدى في تأثيرها إلى خارج هذا النطاق، ويعود ذلك إلى العامل الاقتصادي، حيث تعدّ السعودية إحدى الدول القوية اقتصاديًا في المنطقة، والعامل الآخر هو العامل الديني ويرجع إلى وجود الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، إضافة إلى طبيعة السياسية الخارجية “الهادئة” التي تتبعها السعودية في تعاملها مع تلك الدول. وينتقل أبو الوفا للحديث عن دعم المملكة لرابطة العالم الإسلامي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، منوهًا إلى أنّ الكل يعرف جهود الرابطة والمنظمة في تقديم المعونات الاقتصادية التي تمنح للدول الإسلامية والدول الأخرى، إضافة إلى الجهود المبذولة في إطار جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، والتي تلعب السعودية من خلالهما دورًا مهمًا في التفاوض والتشاور مع الدول الأعضاء، وكذلك الدخول في تحالفات مع الدول الأخرى عبر منظمة الأممالمتحدة، والوكالات الدولية. ويعرّج أبو الوفا على التجربة السعودية في إنشاء المساجد والمراكز الإسلامية من خلال تمويلها خصوصًا في الدول غير الإسلامية، حيث تشكّل دعمًا معنويًا للمسلمين، ووسيلة للدفاع عن الأقليات من أجل الحفاظ على حقوقهم والعمل على مساعدتهم، وهذا ما تسعى إليه السعودية جنبًا إلى جنب مع بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى والتي تؤدي نفس الدور في الدفاع عن هذه الأقليات المسلمة في الخارج. من الدول الثابتة وبدوره يشدد مدير مركز العودة الفلسطيني في العاصمة البريطانية لندن الأستاذ ماجد الزير على الدور المركزي للسعودية على صعيد العالم الإسلامي ومواقفها الثابتة، فهي تعدّ حتى هذه اللحظة من الدول الثابتة في عدم قبولها بفتح أي علاقة مع العدو الصهيوني، ويقول: الدعم السعودي للشعب الفلسطيني في الجانب الإغاثي طوال الستين عامًا الماضية له الأثر الكبير فالمملكة لها محوران في التعامل مع القضية الفلسطينية، وذلك من خلال فتح المجال أمام مؤسسات العمل المدني لتقديم الدعم المادي للشعب الفلسطيني، وهذا يوثّق العلاقة بين الشعبين من خلال الدور الإسلامي المركزي باعتبار وجود الحرمين الذي يعزز من مثل هذا الدور، أما بالنسبة للمحور الآخر فيتمثّل من خلال تعزيز الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني وذلك من خلال رعاية اتفاق “مكة” والذي سجل في التاريخ كجهد مميز من أجل جمع ولمّ الفرقاء الفلسطينيين. ويستعرض الزير جهود المملكة لدعم المسلمين في الخارج، موضحًا أنّ هناك آثارًا دائمة في كل مكان يتواجد فيه المسلمون، حيث نرى المدارس والمراكز الثقافية والإسلامية في أوروبا وعلى وجه الخصوص في بريطانيا، تعمل على نشر الثقافة الإسلامية، وتدريس اللغة العربية، إضافة إلى تأسيس عشرات المساجد، التي تمثل جانبًا مهمًا في توحيد المسلمين بالخارج. ترفع شعار الإسلام وفي نفس الإطار يرى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي الأستاذ عبد الإله بن كيران أنّ السعودية كانت دائمًا في مقدمة الدول التي تسعى لخدمة قضايا الأمة وخصوصًا القضية الفلسطينية، مرجعًا ذلك إلى أنّ المملكة ترفع شعار الإسلام، وخير شاهد على ذلك المنظمات الدولية الإسلامية التي تموّلها، والمؤتمرات والندوات التي تدافع عن الدين الإسلامي التي تشرف عليها وترعاها حول العالم، ولم يبد كيران أي استغراب من الجهود التي تقدمها السعودية لخدمة قضايا الأمة، مشيرًا إلى أنّه يعدّ أمرًا طبيعيًا بالنسبة لدولة قامت على الإسلام وتسهم في الدعوة إليه. ويتطرّق كيران لدور السعودية في وأد الخلافات بين الدول العربية، مستعرضًا محطات الإصلاح التي كانت لها بصمات واضحة فيها، حيث كان لها مساعي توفيقية بين المغرب والجزائر من أجل حل مشكلة الصحراء الغربية والتي تهدد وحدة المغرب العربي، إضافة إلى مساعيها في القضية اللبنانية والصومالية، وكذلك الجهود التي بذلت للإصلاح ما بين الأخوة الفلسطينيين، مرجعًا سبب فشل مثل هذه المساعي إلى الأطراف المعنية بالمشكلة والمستعدة لإبداء التنازل فالمملكة تسعى إلى بذل أقصى الجهود في هذا المجال. ويعزو كيران فضل إنشاء كثير من المساجد والمراكز الإسلامية حول العالم إلى المملكة قائلًا: أعتقد أنّ السعودية دولة لا تضاهيها أي دولة أخرى، مشددًا في نفس الوقت على أهمية الالتزام بالمضمون أكثر من الشكل، فالمجهودات التي تقدمها السعودية بعلمائها وحكومتها مقدرّة وهي بحاجة إلى مزيد استشراف مستقبل مشرق لهذه الأمة من خلال إشاعة روح الإسلام والبعد عن روح المذهب الواحد. أشكال متنوعة للعطاء أما المفكر الإسلامي الأردني الدكتور عبدالحميد القضاة فيعتبر أنّ ممارسة العطاء تعد من ركائز المجتمع السعودي، مرجعًا ذلك إلى الدوافع الدينية وثقافة المجتمع، وخصائص الاقتصاد ويقول: على مدار العقود الماضية تنوعت أشكال العطاء والدعم ما بين الجهد، والوقت، والمال، لإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج والعاجز. ويؤكدّ القضاة أنّ صيغ الجهات الفاعلة قد تعددت حتى امتدت من الأفراد إلى القبيلة وصولًا إلى الجمعيات إضافة لما تقوم به الجهات الرسمية على جميع الأصعدة. ويبيّن القضاة جهود المملكة في دعم القضية الفلسطينية، مبينًا أنّ السعودية لها اليد “الطولى” في ذلك، وعلى الرغم من زخم واستمرارية تلك الجهود المقدمة لهذه القضية والتي يؤكدّ القضاة أنّه لا ينكر ذلك الفضل إلاّ “جاهل جاحد، إلاّ أنّه في نفس الوقت يهيب ويطالب بمزيد من الجهود والدعم مرجعًا ذلك إلى الخصوصية التي تتمتع بها فلسطين من خلال قدسية أرضها وأقصاها، وتاريخها. وحول الدور الذي تلعبه المملكة في دعم المنظمات والجمعيات العربية والإسلامية، يقول القضاة: على أرض الواقع فإنّ الدور الذي قامت به المملكة في تأسيس وإنشاء هذه الروابط والمنظمات الإسلامية العالمية لا ينكر إطلاقًا فتكاد تكون الأصل في الإنشاء والدعم وضمان الاستمرارية والدليل على ذلك أنّ المملكة لو لا قدّر الله أوقفت دعمها عن أي منها لتوقفت تلك المشروعات. ويجزم القضاة من خلال تجربته الشخصية أنّه ما وصل بلد في أي قارة في العالم إلاّ ووجد أثرًا للخير السعودي فيها، متمثلًا بالمدرس، والمركز الإسلامية، والمكاتب الاغاثية، إضافة إلى مراكز نشر الإسلام، والمساجد، والمصليات. أما عن المساعدات والحملات الإغاثية والتي تنفذها المملكة لأجل تخفيف الآلام عن تلك الشعوب فيعتبر القضاة أنّ هذا العطاء هو جزء من بنية الشعب السعودي لأنّه شعب مسلم منّ الله عليه بثروات عظيمة وقد عرفوا حق الله فيه، منوهًا إلى أنّ التوجهات الرسمية والمؤسسات الدينية بالسعودية، لم نرها يومًا قد تأخرت عن دعم إخوانهم المسلمين بل تعدى ذلك إلى تقديم مساعدات إنسانيه تخطت حواجز الأخوة الإسلامية إلى الأخوة الإنسانية، ويتساءل القضاة بالقول: “لو سألنا أنفسنا بصراحة، أين هو المشروع الإسلامي وعلى أي مستوى وفي أي مكان فالجواب باعتقادي وحسب معرفتي أننا لن نجد، فحملات الإغاثة السخية الرسمية والشعبية من قبل السعودية تسبقك إلى كل دولة أو قطر إسلامي منكوب”. ويصف القضاة الجهود الإصلاحية التي تقوم بها السعودية للإصلاح بين الفرقاء العرب بالجهود المباركة التي تنجح أحيانًا وتخفق أخرى، مؤكدًا أنّ بلدًا مثل المملكة تعدّ محط أنظار المسلمين وينتظر منها الكثير للمكانة الكبيرة التي تحتلها في قلوب المسلمين، مهيبًا في نفس الوقت على أهمية أن تبذل المزيد والجهد تلو الجهد للحفاظ على مقدسات المسلمين وإعادة الحقوق لأهلها. وعن الجهود التي تبذلها السعودية على مستوى نشر الثقافة الإسلامية والعمل على تأصيل العلم الشرعي لمسلمي العالم، يردّ القضاة قائلًا: “لا يمكن لكل منصف إلاّ ويبدي إعجابه وتقديره ويلهج إلى الله بالدعاء لكل القائمين على طباعة القرآن الكريم وتوزيعه ليس على العالم الإسلامي فقط بل على العالم كافة، أما كتب الحديث والمطبوعات الإسلامية وترجمتها إلى لغات مختلفة،وتوزيعها وفتح المراكز الإسلامية في أصقاع الأرض المختلفة، إضافة إلى دعم العاملين فيها فذلك عمل عظيم لا يضاهى ولا يمكن تجاهله”. ويمضي القضاة في حديثه معرجًا على استقطاب الطلاب من العالم عامة ومن العالم الإسلامي خاصة لتعليمهم اللغة العربية ومن ثم دراسة العلوم الإسلامية في جامعات المملكة المختلفة كمبعوثين، والذي أثرهم يتحدث عنه، مضيفًا في نفس الوقت أنّه حيثما توجهت في العالم فإنّك تجد المتصدرين للعمل الإسلامي هم من هولاء. جهود مباركة وبدوره يثمّن الداعية الإسلامي الدكتور أحمد حسن الحبشي جهود السعودية في خدمة قضايا الأمة قائلًا: بارك الله في قيادة المملكة على ما تقوم به من جهود مضنية في خدمة قضايا الأمة ولا سيما القضية الفلسطينية انطلاقًا من الحرص الشديد على لم صفوف الشعوب للوصول لنهضة أمة واحدة والخروج من غثائية المرحلة التي تعيشها أمتنا الإسلامية على وجه خاص والعالم عمومًا”، منوهًا الى أنّ المساعي والجهود تنبعث من حيث الإدراك إلى أنّ مثل هذا الأمر هو من واجب الجميع حكومات وشعوبًا واتباعًا للتوجيه النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، معتبرًا أنّ الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ عن جسد الأمة الإسلامية فقضيتهم قضية أمة بأكملها. ويستعرض الحبشي الخدمات التي تقدمها المملكة على صعيد المنظمات والجمعيات العربية والإسلامية، مؤكدًا أنّ خدمة الشرع المطهر تتجلى بصور عدة منها: الجانب الميداني الخدماتي كالجمعيات الخيرية، وجوانب التنمية ومنها: نشر التوعية الإسلامية بجوهرها الحقيقي، ودعم خدمة التعاليم الشرعية بالأسانيد الشرعية على المستوى العام وأما على المستوى الخاص فيشير الحبشي إلى أنّ هذه الجهود تتمثل في إنشاء دور العلم الشرعية، والمنظمات الفكرية الإسلامية، وإقامة الندوات والمؤتمرات لمواكبة قضايا المرحلة الإسلامية، والنظر إليها بأبعاد شرعية تواكب الحقبة الزمنية والمرحلة بوسطية واعتدال واستيعاب الجميع. أما عن الجهود الاغاثية والدور الذي تقوم به المملكة تجاه ذلك، فيعتبر الحبشي أنّ ذلك يرجع إلى الجوانب الإنسانية الإيمانية المنطلقة من مواساة من يستحق المواساة من الشعوب والدول المتضررة وهي جزء لا يستهان به في تخفيف الآلام عن الشعوب والعمل على بث روح الثقة بالله لشعوب الدول المتضررة وأن يتقوا الله في أنفسهم أولًا من الفرد إلى المجتمع، إضافة إلى الجانب المادي المحسوس في مساندة تلك الدول المتضررة حيث ينوّه الحبشي إلى أنّ الأمة بحاجة إلى دعم وحملات إغاثة إيمانية عبر رجال الدين والتوجيه تنهض بأفراد المجتمعات إلى ما يخفف الألم الحقيقي لإدراك أن العودة إلى الله هي السبيل والنجاة من كل أزمة. كما يتمنى الحبشي أن يصحب هذه الحملات الاغاثية من تبرعات وغيره حملات توعية إيمانية إرشادية تكاملية عبر كل وسائل الأعلام والتوجيه العام، تعيد للمتضرر صلته بالله وبرسوله بعيدًا عن أي عبودية لما سوى الله فبذلك يكمن الإخلاص في تقديم هذه التبرعات والحملات الاغاثية. ويتناول الحبشي في حديثه دور المملكة في الإصلاح بين الفرقاء المسلمين، واصفًا تلك الجهود بالمباركة والتي يسأل الله أن يعينهم ويوفقهم لذلك مصداقًا لقوله تعالى:(إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)، ويأمل الحبشي في نفس السياق أن يكون للمملكة دور بارز في أن تجعل لقضية تأصيل العلم الشرعي في العالم الإسلامي دورًا تكامليًا عبر النظر في الأدوار التي يقوم بها علماء الأمة في الشرق والغرب لخدمة هذا الهدف والسعي لتوحيد جهود بقية علماء الأمة لذلك، موضحًا أنّه وبهذا النظر الواسع للأفق واستيعاب الجميع يكون النضوج الأكبر لهذه الجهود وأنّ يد الله مع الجماعة. الصراع العربي الإسرائيلي من جانبها ترى الدكتورة غزلان هاشمي، الأكاديمية والمفكرة الإسلامية أنّ السعودية حاولت أن تلعب دورًا سياسيًا كبيرًا على مستوى القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي من خلال سياستها التي تبنت فيها قضية فلسطين في إطار من التساؤل الإشكالي حول الأحقية في الأرض، ومن خلال تقديم بدائل وبرامج من أجل التخفيف من تعاظم الخطر أو النفوذ الإسرائيلي، وتعتبر هاشمي أنّ مبادرات السلام والتهدئة لم تكن في مستوى الطموح العربي إذ يجب ألا ينسى أنّ هذا الدور لم يكن بمستوى المكانة الدولية التي تتمتع بها السعودية خاصة على مستوى الرمزية الدينية. وتقرّ هاشمي الدور الذي قدمته السعودية في هذا الجانب، مستدركة حديثها بالقول: “لكن يبقى دور هذه المنظمات والهيئات ضعيفًا وتأثيرها على القرار الدولي لم يرتق إلى مستوى تقديم قرارات واضحة تؤثر في المسار الفلسطيني على سبيل المثال”.، وتثمّن هاشمي الحملات الإغاثية التي تقوم بها السعودية والتي تؤكدّ أنّ هذه الحملات يظل دورها الفاعل في تخفيف الجراح على الشعوب، منوهةً الى أنّها بدورها غير كافية لتعزيز المواقف السياسية ولا التأثير من أجل التغيير في الأوضاع القائمة، مؤكدة في نفس الوقت أهمية تكاثف الجهود لمحاولة تعديل النظام القانوني الدولي بما يسمح بمزيد من الاعتراف بالآخر واحترام هويته وخصوصيته وتمكينه من القرار السياسي والإسهام في الفعل الدولي. وتختتم هاشمي حديثها بالإشارة إلى الجهود السعودية والتي تعمل على تأصيل العلم الشرعي ونشر الثقافة الإسلامية قائلةً: “المملكة قدمت الكثير الذي لا يمكن إنكاره في هذا الجانب بل أحيانًا تكون تبرعاتها خيالية”، موضحةً أنّ هذا الجانب بحاجة إلى مزيد من الوعي التام والذي يحتاج لمزيد من العمل والوقت حتى تؤسس الفاعلية وتقدّم برامج أكثر شمولية واتساعًا في العالم الإسلامي ككل. **************** الأشعل: ما قدمته المملكة في قمة الكويت من دعم للفلسطينيين يشهد لها يوضح المفكر الدكتور عبدالله الأشعل أنّ السعودية لعبت دورًا أساسيًا في كثير من القضايا المختلفة، المملكة قامت بلعب دور مهم في كثير من القضايا مثل القضية العراقية والأفغانية إضافة إلى دورها المميز في القضية الفلسطينية. وفيما يخص دعم السعودية للمنظمات والجمعيات الخيرية الإسلامية، يشير الأشعل إلى رابطة العالم الإسلامي، وهي عبارة عن منظمة شعبية عالمية مقرها مكةالمكرمة، وتتلقى دعمًا مباشرًا من السعودية، ويتمثل دورها في نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية، مؤكدًا أنه كان ولا يزال يحضر مؤتمرات الرابطة وندواتها. ويستطرد الأشعل في حديثه عن الإنجازات السعودية في عدد من المحطات، مشيرًا إلى قمة الكويت الاقتصادية والتي عقدت عام 2009م، وأعلن فيها عن تخصيص مليار دولار لصندوق دعم إعمار غزة والتي كان للسعودية دور مهم في مثل هذا الدعم، منوهًا إلى تبني الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقضية الحوار بين الأديان وذلك عبر عدة مؤتمرات كمؤتمر مدريد، ونيويورك. كما يتحدّث الأشعل عن الدور الثابت والتي تقوم به المملكة في بناء المساجد والمدارس في الخارج، مثمّنًا تلك الجهود التي تهدف إلى دعم الأقليات المسلمة في الخارج، إضافة إلى تقديم المنح للمسلمين من أجل الدراسة في الجامعات السعودية، حيث تقوم بتخصيص نسبة من دخلها القومي لدعم مثل هذه المشروعات في الخارج. ****************** العثماني: ثقلها الديني وموقعها الجغرافي المميز أكسبها ميزة فريدة وسط الأمم يشير رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بالمغرب الدكتور سعد الدين العثماني إلى أنّ الموقع الاستراتيجي للسعودية جعلها راعية لقضايا العرب والمسلمين من جهة، ومكان تواصل العالم الإسلامي من جهة أخرى، ويقول: للسعودية دور في رعاية قضايا الأمة مثل القضية الفلسطينية، واللبنانية، حيث سعت إلى الإصلاح بين الفلسطينيين من خلال اتفاق مكة، إضافة إلى التقريب بين الأشقاء اللبنانيين من خلال المبادرة السعودية - السورية والتي تحاول أن تحل المشكلات الداخلية العالقة في لبنان. وينوّه العثماني إلى أنّ الثقل الديني والموقع الجغرافي للمملكة أكسبها ميزة وقدرة الإسهام في حل مشكلات الأمة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى الدور الكبير الذي لعبته في دعم العمل الخيري من خلال إسهامها في تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والعديد من الجمعيات الخيرية، وكذلك دعم الفتاوى الجماعية والمتمثل في إنشاء مجمع الفقه الإسلامي والذي أسهم على حد العثماني في تكوين إرث فقهي حقيقي غني يعد بمثابة المرجع الذي يعود إليه المسلمون في كثير من القضايا المستجدة. ويضيف قائلًا: هذه الجهود مقدرة ومشكورة، وإن كنت أرى ضرورة تكثيف مثل هذه الجهود لدعم هذه الأقليات التي تعاني منذ زمن بعيد من شتى أنواع الاضطهاد، والوضع الاقتصادي السيئ، لذلك أطالب الدول العربية والإسلامية بالعمل جنبًا إلى جنب مع السعودية من أجل دعم الأقليات المسلمة لأنّها بحاجة إلى من يقف معها، ولا شكّ أنّ كل عمل مهما كان مقدرًا فهو يحتاج وباستمرار للتطوير، والحكم عليه بأنّه كافٍ يعدّ مبالغة. ويعرّج العثماني على جهود السعودية في المجال الدعوي، والمتمثّل في إنشاء المساجد، وإقامة المراكز الإسلامية، ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة، إضافة إلى تأسيس المدارس، والمعاهد الشرعية، قائلًا: لا ينبغي أن ننسى الأجيال التي تخرجت في الكليات الشرعية في السعودية ومن ثم عادت إلى أوطانها حاملة العلم الشرعي. ********************** عشقي: المملكة رقم صعب على المسرح الدولي وباتت من دول القيادة في العالم يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بجدة الدكتور أنور عشقي أنّ السعودية أصبحت رقمًا قويًا على المسرح الدولي، وباتت دولة من دول القيادة في العالم، مرجعاّ ذلك إلى الجهود الاقتصادية والسياسية التي تقدمها السعودية على مستوى العالم، ويثمّن عشقي مثل هذه الجهود والدعم المقدم من قبل المملكة، قائلًا: “الذي نشهده اليوم ما هو إلاّ صرح وضع ورسم أسسه ومبادئه الملك عبدالعزيز، وسار عليه من بعده أبناؤه البررة. الجهود التي تبذلها المملكة على المستوى الإغاثي التي تستهدف المناطق المنكوبة في أنحاء العالم كافة هي جهود واضحة للجميع. وينتقل عشقي للحديث عن الحضور السياسي للسعودية مشيرًا إلى دورها الملموس في الإصلاح بين الفرقاء العرب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ السعودية لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ولكنّها من باب الحرص على مصالح الأمة العربية والإسلامية تعمل على إبداء النصيحة وتحاول أن ترشدهم إلى الطريق، منوهًا الى أنّ المملكة إذا دعيت إلى للإصلاح بين أي جانب فإنّها لن تتردد في ذلك ولكنّها لا تملي قراراتها على أي دولة. وحول جهود المملكة في تأصيل العلم الشرعي ونشر الثقافة الإسلامية يقول عشقي: لا شكّ أنّ السعودية وظفت جامعاتها من أجل الدفاع عن صورة الإسلام الحقيقية بالخارج، فجامعة الإمام محمد بن سعود قامت بإنشاء عشرات المعاهد الشرعية، كما أنّ السعودية تدعم أيضًا بعضًا من الجامعات والكليات الأوروبية من أجل أن تقوم بدعم أبناء الجاليات الإسلامية في الخارج. *********************** هاشم: المملكة تتبع «السياسية الهادئة والناعمة» حيال القضايا التي تريد معالجتها يؤكد الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور وحيد هاشم ً أنّ دور المملكة في المجالات كافة التي تتعلق بالأمة العربية والإسلامية يعدّ استراتيجيًا ومفصليًا وخصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية نتيجة لعوامل الدين والعرق والتاريخ، ويقول: السعودية دعمت الأقليات الإسلامية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكانت المراكز من الولاياتالمتحدة، مرورًا بالسويد، وألبانيا، ودول جنوب شرق آسيا، أكبر شاهد على الإنجازات الكبيرة”، حيث يوضح هاشم أنّ هدفها الأسمى هو نشر الإسلام وإيصال الرسالة الإسلامية للعالم بأكمله. ويستعرض هاشم الجهود الإغاثية المقدّمة لدولة الباكستان وأفغانستان من قبل المملكة، مشيرًا إلى أنّ الهلال الأحمر السعودي كان حاضرًا وبقوة في معسكرات اللاجئين لتقديم الغذاء والعلاج والمساعدات العينية لملايين الأشخاص الذين نزحوا إبان فترة الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدة ضد طالبان والقاعدة، ويستذكر هاشم ما بذلته السعودية تجاه قضية “ألبان كوسوفو” إبان الحرب، ملمحًا إلى أنّه كان شاهد عيان على المساعدات العينية التي قدمتها المملكة لشعب كوسوفو حيث شملت تقديم العلاج، والمساعدة على إيجاد المأوى والمسكن المناسب. ولم يغفل هاشم عن التذكير بالجهود السعودية المبذولة على الصعيد السياسي، مؤكدًا أنّها تتبع مسلك “السياسية الهادئة والناعمة” حيال القضايا التي تبدي معالجتها، مشيرًا في السياق نفسه إلى الوساطة “الحميدة” التي بدأت عند توقيع اتفاق الطائف عام 1989م وكان الفضل يرجع في ذلك إلى السعودية حيث تمّ بموجبه إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية بعيد توقيع الاتفاق. كما يتحدث هاشم عن السياسية التي تتبعها السعودية تجاه أبناء الجاليات والأقليات الإسلامية، مشيرًا إلى العديد من المراكز الإسلامية التي أسستها المملكة في العديد من دول العالم، حيث إنّها تسعى إلى تقديم ما أسماه هاشم ب “الخدمات” العلمية الشرعية للدول المتقدمة والنامية، فهي بحاجة إلى تعزيز مثل هذه الجهود من أجل تخريج العديد من أبناء الجاليات لخدمة دينهم وعقيدتهم في البلد الذي يقطنون فيه.