اعتَبر الحيوان جَامعة مَفتوحة، لا تَنقضي مَوائده وفَوائده ومُقرَّراته، والحيوان مَدرسة إذا أحسنَّا الاستفادة مِنها، أعددنا شَعبًا كَامل التَّعليم، ومِن فَوائد هذه المَدرسة الحيوانيّة؛ أنَّها تُلخِّص لنا عقليّة الشّعوب ومدى تَحضّرها، وللتَّأكيد على هذه النّظريّة لنَقرأ هذه الفِكرة، التي كَتبها أحدهم على الشّبكة العنكبوتيّة، وتَرك لَنا مساحة للتَّفكير فيما قَال، يَقول الرَّاوي في حكايته المعنونة ب «أنا والعصفور» ما يَلي: تخيَّل أنَّ هناك عصفورًا جَميلًا كَان يَقف فوق شَجرة، ويُغرِّد بصوتٍ عذب، ومَرَّ على هذا العصفور أشخاص مِن جنسيّاتٍ مُختلفة، تُرى ماذا سيَفعل كُلّ وَاحد مِنهم.. أو ماذا سيقول..؟! الفرنسي سيُغنِّي مَع العصفور ويُقلِّد صَوته، والإسباني سيَرقص على أنغام صَوت العصفور.. أمَّا الإيطالي فسيَرسم هذا العصفور على لوحةٍ كبيرة، والهندي سيَقوم بعبادتهِ، والبنغالي سيَأكل هذا العصفور.. أمَّا الإنجليزي فسيُطلق النَّار عليه فَورًا، واليَاباني سيَصنع عصفورًا إلكترونيًّا يُماثل هذا العصفور بالشَّكل والحجم، ويَصنع جهازًا لتَرديد نَغمته.. أمَّا اليَهودي فسيَبدأ بالبُكاء، ثُمَّ يَقوم بالمُطالبة بملكيّة هذا العصفور، باعتباره مِن نَسل هدهد سليمان عليه السّلام، ثُمَّ يُطالب جميع الأشخاص الذين مرّوا على هذا العصفور بدَفع ثَمن مُشاهدتهم، والأمريكي سيَصنع فيلمًا عن حياة هذا العصفور، وعن جَميع الأشخاص الذين مرَّوا به.. أمَّا المصري فسيُقلِّد الفيلم الأمريكي، ويَقوم «أحمد السقا» بتَمثيل دور جميع الأشخاص الذين مرّوا على هذا العصفور، والسّوري سيُنتج مُسلسلًا عن العصفور يَحكي قصّة أجداده حتَّى الآن، ويقوم بوَضع إسقَاطات تَاريخيّة وسياسيّة على حياة هذا العصفور العَربي، وتَاريخه النِّضالي القَومي، ويَقوم بإخراج المُسلسل «نجدت أنزور».. أمَّا الحَضرمي فسيُحاول أن يَشتري هذا العصفور بأقل سعر مُمكن، ثُمَّ يَجعله يَتكاثر، ويَكون هو الوكيل الحَصري لهذا النّوع مِن العَصافير، ويصير اسم عَائلته في النّهاية باعصفور..! وإذا أتينا للسّوداني فإنَّه -بالقطع- سيَنام عَلى أنغامِ صَوته.. أمَّا السّعودي فسيَرمي هذا العصفور بالنّعال، بينما سيَقوم صَديقه بتَوثيق اللقطة بكَاميرا الجوَّال، ليَنشر المَقطع باليوتيوب، قبل أن تَأتي الهيئة وتَسحب مِنه الجوَّال..! حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟! بَقي القول: إنَّ «أحمد العرفج» لو مرّ على هذا العصفور لتَأمَّله، وتَركه يَمضي إلى سَبيله، فالطّير مِن حقّه أن يَحيا حياة طيّبة، طَالما أنَّ البَشر عَجزوا عن إنتَاج هذه الحياة..!