قال الضَمِير المُتَكَلّم: تقع قُرْب (حَفر الباطن)، وتظل معظم أيام العام صحراء قَاحِلة، ورمالًا متحركة لا أثر للحياة فيها، فلا يسكنها حتى الجِانّ؛ ولكنها خلال شهر أو يزيد من كل عام تتحول إلى مدينة متكاملة؛ وهنا لا تفهموا خطأ؛ فهي ليست مدينة لصناعات معينة تفيد الوطن والمواطن؛ بل هي مدينة كبيرة لِصِنَاعَة (المُهَايَط) (مصطلح يعني التفاخر الكاذب، ورفع الصوت بأمور مزيفة لا فخر فيها)؛ نعم هي (مدينة للمهايط) السخيف؛ الذي أبرز مشاهِده: *مجموعة من التّجار أو (الهوامير) يبحثون عن الشّهرة، والمَكانة الاجتماعية لدى فئات معينة؛ فيتنافسون في إهدار مئات آلاف من الريالات (مئات الملايين إذا جُمِعَت) في بناء مخيمات كبيرة تشتمل على مكان فسيح للضيافة، وخيام صغيرة لسكن الزوار، والفخر أيضًا في ولائم يومية تُذْبَح فيها الغَنم، وتُنْحَر الإبل، والتسابق يصل حتى إلى كمية (أعواد الحَطَب) التي أمام المخيم!! ثم هناك أمسيات شعرية يتبارى فيها الشعراء في مدح صاحب المخيم، وإغداقه بالأوصاف الفاخرة التي تجعله ينتشي، ويسكن بين السحاب! * (والمُهَايط) يمتد للبعَارين (الإبل)، حيث التنافس للفوز بملكة جَمَال الإبل بألوانها المختلفة؛ ومن أجل تحقيق هذا النّصر المبين ترتفع أسعار تلك الحيوانات اللطيفة البريئة؛ لِِتساوي ثمن إحداها (عشرة من بني البشر) فإذا كانت الدّية مائة ألف؛ فثَمن بعضها يزيد على المليون ريال!! * في (مدينة المهايط) هذه ترى كل عجيب ومريب؛ فهناك صوالين لِجَزّ (حِلاقَة) الإبل؛ حيث ترى قَصّات غريبة مثل تلك التي تراها على رؤوس بعض اللاعبين والفنانين؛ وأقل قَصّة (كَابوريا) بخمسين ريالًا!! * مئات من العمالة الوافدة (مخَالِفَة الإقامة) تقتات من ذلك (المُهَايط)، وتبيع كل شيء، وبأسعار مضاعفة ومبالغ فيها (كل ذلك في ظل صمت وتجاهل الجهات المعنية)!! صدقوني لا محصلة لذلك (المُهَايَط) إلا إشعال نار العصبية، وإهدار الأموال؛ نعم كل إنسان له حرية التصرف بماله وكما يقول المثَل المصري (اللي عِنده قِرْش محيره، يِشِتِرِي حَمَام ويِطَيّرُه)؛ لكن لا بد من توجيه هؤلاء، للإفادة من أموالهم في برامج تخدم دينهم ووطنهم ومجتمعهم؛ فيمكن تحويل تلك الملايين في مشروعات يفيد منها الشباب العاطل، أو في رحلات حج مجانية للفقراء! وهنا يأتي دور العلماء، وأرجوكم كفاية فُرْقَة وهُراء! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.