اللافت للانتباه أن مجتمعنا هذه الأيام أصبح يعيش بين فكي كماشة قد أحكمت قبضتها احدهما الحاجة الماسة لتوفير متطلبات الحياة الضرورية والآخر الجشع المستحكم وفوضوية الاسعار والانظمة الضابطة لها حيث أدت تلك الحالة البائسة إلى رضوخ المواطن المسكين تحت وطأتي فكي تلك الكماشة وما يترتب على ذلك من الآثار النفسية التي تطال الصغير والكبير فأسعار المواد الاستهلاكية كالمواد الغذائية واسعار الخدمات من مياه وكهرباء وهاتف وصرف صحي وقسائم مرور وغرامات واسعار أدوية وخدمات صحية بمختلف صورها وأسعار أراضٍ وخدمات بناء وما شابه ذلك نراها في سباق محموم لا يضبطها ضابط ولا يحدها نظام بعد ان تركت الدرعى ترعى وبعد ان أصبحت القيم والمبادئ ضامرة وبعد ان أصبح ذلك المواطن ا لمستهلك لكل شيء ميداناً للسباق ومصدراً للربح غير المشروع، ومن يتتبع حالة الاسعار لكل سلعة تهم المواطن يجد انها في تنامٍ مستمر فتاجر المواد الغذائية في سباق محموم مع اقرانه التجار على من يرفع سعره أكثر وتاجر المواد الصحية وقطع الغيار والمواد الكهربائية والملابس ايضا تعيش حالة التنافس غير الشريف في رفع الاسعار وفي المقابل تاجر العقار الذي يستولي على آلاف الكيلومترات ويتحكم في اسعارها نراه يرفع اسعارها كيفما شاء في مقابل ان الملايين من اخوانه المواطنين المستهلكين لا يملكون عشرات المترات ليقيموا عليها مسكناً يؤويهم وافراد أسرهم وهكذا البقية من المصادرين للقيم والمبادئ الاسلامية والمتجاوزين للانظمة والقوانين المدنية ان وجدت والمهلكين للحقوق الانسانية التي حث عليها ديننا الاسلامي الحنيف وحثت عليها ا لمبادئ الحقوقية العالمية. انها حالة الفوضى اصبحنا نعيشها نحن المواطنين المستهلكين الذين يمثلون الشريحة العظمى من افراد المجتمع، أما فئة المصادرين للقيم والحقوق الانسانية الشريحة الصغرى من المجتمع وبيدهم عصا التحكم فلا يزالون يسرحون ويمرحون ويرفعون ويخفضون في اسعارهم كما يريدون وحسب امزجتهم المتقلبة كثيراً. ثم يبقى الامر الغريب في تلك الحالة وهو ان بعض المؤسسات التي تمتلك بعض الخدمات كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والهاتف والتي يفترض ان تكون اكثر تنظيماً واقرب الى معرفة ظروف ومتطلبات المواطن نراها ايضا تفعل ما يفعله هؤلاء التجار. وسؤالي الذي سيبقى مطروحاً بسعة هذا الوطن الكبير حتى يجد الاجابة الشافية من قبل كل من يهمه الامر فهو الى متى سيبقى المواطن يئن تحت وطأة تلك الارتفاعات العشوائية غير المنضبطة وتحت وطأة الاحتكار المستحكم للسلع والخدمات والعقارات وكافة الخدمات العامة؟! وكم يحزنني ان يحدث كل ذلك في مجتمعنا وهو مجتمع الفضيلة ومصدر التشريع الذي تضمنه ديننا الاسلامي الحنيف والذي يستوجب ان نكون القدوة التي يحتذى بها في ممارسة السلوكيات القويمة والالتزام بالقيم الفاضلة والمبادئ السمحة، لكن الذي يحدث وللأسف الشديد يعد مناقضاً لتلك التعاليم والقيم فأين القائمون على اصلاح ذلك الامر من جهات مسؤولة ورجال دين، وبعد ان اصبح المواطن المستهلك يعيش حالة من الاوجاع المتوالية التي يفرضها عليه اخوه المواطن التاجر الذي تنصل من كافة قيمه ومبادئه بل ان الامر اصبح يحدث تحت مظلة من حالة الانفصال والتباعد بين حالتي المواطن المستهلك واخيه المواطن التاجر والله تعالى من وراء القصد. www.Dr-muhammed.net [email protected]