ألقاها وهو على قيد الوزارة، في مؤتمر وزراء الإعلام العرب عام 1981م، وخرجت مكتوبة في المجلد الضخم الذي صدر عقب انتهاء المؤتمر! ثم شدد عليها ولاتَ حين تشديد في «إضاءات تركي الدخيل» عام 2007م، وأعيدت الحلقة ظهر الجمعة التالية لوفاته، تقبله الله في عباده الصادقين! وتتلخص وصيته في إلغاء أجهزة الرقابة الإعلامية من «لغاليغها»، وإيجاد قانون واضح مرن متجدد، ينضج المهنية الإعلامية، ويدفعها لتواكب عصرها! وقد بنى وصيته تلك على أننا نستطيع اليوم قبل ثلاثين عاماً؛ إذ لم يكن هناك إلا «غصب1» تلفزيون، و»غصب1» إذاعة أن نكمِّم الأفواه، ونقصي من نشاء، وندني من نريد، ولكننا بدءاً من التسعينات الميلادية من القرن المنصرم، سنواجه طوفاناً من الفضاء، لاقبل لنا به! وإذا كان الزميل/ «دُريد بن الصمة» قال على لسان اليماني: أمرتهمُ أمري بِمُنعرَجِ اللِّوى * فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغدِ! فما ترى لسان حاله قائلاً وقد ودعنا، ونحن نستبين الرشد، ولكن ضحى الغد لا يأتي! ولن يأتي مادام بعض مسؤولي «وزارة الثقافة والإعلام» يتردّدون في النهوض بالامانة التاريخية بضرب الفكر الرقابي المترهِّل، ويستسهلون الاستمرار في سياسة «المنع» بدلاً من تقوية «المناعة»! ويؤثرون أن يتركوا «الدرعا ترعى»، وهم يعرفون أننا نعرف أنهم يعرفون أننا نعرف: أنه لامعنى للمنع والحجب، وجعل رئيس التحرير «خيال مآتة» للكتاب في عالم اصبح فيه ويكيليكس حديث من يشتري ومن يتفرج. انهم يدركون أننا ندرك، أنهم يدركون أننا ندرك: أننا لسنا مجتمعاً نائماً، وإلاَّ لاستيقظ منذ «مبطي»، ولكننا مجتمع «يتنيوم»، وبالنحوي الأنحى: «يَتَنَيْأَم»، وأهل المثل قالوا: «صحْ نايم ولا تصحِّي متنيوم»! ونحن نقول الآن: إن هؤلاء المسؤولين يترددون ويستسهلون ويؤثرون؛ احتراماً لهم، وتقديراً للوزير الشفاف حقاً، الذي مازلنا نصفه ب»وزير الشجاعة والإقدام»، لفسحه كتب «القصيبي»، في خطوةٍ مازلنا نراها ضربةً في صميم الفكر الرقابي، وليست مجاملةً في الوقت الضائع ل»شخص» الراحل العظيم! وأن أهميتها تكمن في كونها الأولى وليست الأخيرة! ولكننا لانضمن أن يتحلى أبناؤنا غداً بالقدر نفسه من الاحترام؛ حين يصفون مسؤولي الوزارة ب»العجز» عن مواكبة العصر، والركون إلى «التنيوم» مع «المتنيومين»؛ فإنه لمَّا طالب المهتمون بقانون ينظم الصحافة الإلكترونية، ويحدد الحقوق والواجبات، لم يجد هؤلاء المسؤولون أسهل من العودة إلى نظام «المطبوعات» الذي أكل الدهر عليه وشرب، وغسل يديه، وقال: أنعم الله عليكم وكأنهم لايرون أننا نرى أي فرق بين «درعا القراطيس» التي تهشها بعصا «المنع»، وبين كائنات الإنترنت الفضائية!