علَّقت صحيفة اندبندنت البريطانية على دراسة نشرتها مجلة دي زيت الألمانية التي تصدر أسبوعياً وأفادت بانتشار مظاهر الخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا) وسط قطاعات كبيرة من الشعب الألماني، مرجعة ذلك إلى تأثرهم بالدعاية الإعلامية التي تشنها بعض دوائر اليمين المتطرف التي تزعم أن الإسلام يحاصر القارة الأوروبية. وقالت الصحيفة: أشار حوالي40% من الألمان إلى أنهم يعتبرون أنفسهم مهددين من الإسلام، وهي نسبة تفوق ما هي عليه في كثير من الدول الأوروبية الأخرى مثل فرنساوهولندا والدنمرك والبرتغال. جاء ذلك في دراسة حديثة هدفت لمعرفة مدى اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني وكيف ينظر إليهم الألمان. ونقلت الصحيفة تصريحاً لعالم الاجتماع ديتليف بولاك الذي قام بإجراء الدراسة انتقد فيه تنامي المشاعر السالبة ضد الإسلام، مرجعاً ذلك إلى تأثير الإعلام المعادي للمسلمين، وقال المسئول عن هذه الدراسة الجامعية: هناك فهم متحجر وغير متسامح في ألمانيا للديانات السماوية أكثر من الموجود في فرنساوهولندا والدنمارك. من المؤسف أن نقول إن مجتمعنا عنصري ولا ينظر بإيجابية إلى ما يمكن أن يضيفه التنوع العرقي والديني في هذه البلاد، وكل ذلك بسبب الإعلام المنحاز الذي تسيطر عليه دوائر لا تنظر للمسلمين بعين الاطمئنان. وأضاف بولاك: هناك غالبية من الألمان لا يرون أي جانب ايجابي في الإسلام ويعتقدون أنه دين يشجع على العنف ولا يتماشى مع المبادئ والمثل الأوروبية. للأسف فإن هؤلاء وقعوا ضحايا لما ظلت تروج له أحزاب يمينية تدعو لأن تكون المسيحية هي الدين الوحيد في هذه القارة، وهذا بالطبع ضد طبيعة البشر إذ لا يمكن لنا جميعاً الاتفاق على دين موحد لأنه أمر يرتبط بالقناعات. وبدورها تؤكد الصحيفة تنامي هذه المشاعر المعادية للإسلام في معظم أرجاء أوروبا، مستشهدة بالنمو المتصاعد الذي وجدته الأحزاب اليمينية التي تدعو للحد من ظاهرة الهجرة لأوروبا، وتقول: تشهد أوروبا في الوقت الحالي موجة متزايدة من العنصرية ضد المهاجرين بشكل عام والمسلمين على وجه الخصوص، ولا أدل على ذلك من التقدم الكبير الذي أحرزته الأحزاب اليمينية في الانتخابات. وتشير إندبندنت إلى الاختلاف بين المجتمعين الأمريكي والأوروبي، ففي الوقت الذي يشهد فيه الأول تنوعاً عرقياً ودينياً كبيراً، إلا أن معظم المجتمعات الأوروبية لا زالت مجتمعات شبه منغلقة، وتقول: الشاهد على ذلك هو التصريح الشهير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي حمَّل فيه بعض الدول الأوروبية مسؤولية تنامي الحركات الإسلامية المتطرفة في كثير من أنحاء العالم كنتيجة للسياسات التي تطبقها هذه الدول بحق المسلمين، وأوضح الأمثلة على ذلك هو التضييق الذي تمارسه فرنسا على سبيل المثال بحق المسلمات المحجبات. وتستعرض اندبندنت نتائج الدراسة بقولها: حسب الدراسة التي شملت ألف شخص في كل من ألمانياوفرنسا والدنمارك وهولندا والبرتغال فان 28.4 % فقط من الألمان الغربيين و19.5% من الألمان الشرقيين يعتبرون أن من حق المسلمين بناء المساجد والمآذن في ألمانيا. بينما كانت الإجابة على السؤال نفسه 55.4% في الدنمارك و65.6% في فرنسا و67.1% في هولندا و73.5% في البرتغال. وكان السويسريون وافقوا عام 2009 بأكثرية بلغت 57.5% على تعديل في الدستور يمنع بناء مآذن جديدة ما أدى إلى ردة فعل مستهجنة في العالم. وحسب الدراسة نفسها فان 72.6% من الألمان الغربيين و70.5% من الألمان الشرقيين يربطون بين الإسلام والتطرف، مقابل 69.2% في الدنمارك و40.9% في فرنسا و73.7% في هولندا و54.3% في البرتغال. وتختم الصحيفة قائلة: عن هذا التباين في موقف الدول الغربية تجاه الإسلام يقول بولاك: النظرة إلى الإسلام شديدة الانتقاد في جميع الدول الأوروبية، إلا أن مواطني بعض الدول قد يرون في الإسلام جوانب إيجابية لا يراها نظراؤهم في الدول الأخرى.