المتتبع للسيرة النبوية الخالدة، يعرف حرص رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن تكون شخصيته نموذجًا حيًّا لا تموت، عبر تمسّكنا بسنته الحقيقية في الأخلاق الفاضلة، والسلوكيات العملية.. ليقينه بفائدة وآثار تلك الأخلاقيات والتصرّفات على المجتمع الإنساني من مسلمين وغيرهم، وحرصه على سمعة الدين الإسلامي، وبناء العلاقات المحترمة مع غير المسلمين من خلال احترام معتقداتهم وأفكارهم، (لكم دينكم ولي دين)، و(لا إكراه في الدين)، وهو الذي أخبرنا بقوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، و“لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم”. وأتساءل هنا: لماذا لم نقتدِ برسولنا، وهو القدوة الحسنة، والنموذج الأمثل في سلوكياته العملية، وهو الذي احترم خصوصية الآخر؟ لماذا نغيّب الحرية، والتعددية، والتعايش مع الأديان، ونقتدي بالحبيب؟ إن مَن نصفهم بأنهم أساءوا للرسول، لم تكن هذه الإساءة جديدة علينا، ولعلنا نعرف أن هذا الأمر ما هو إلاّ امتداد لشيء قديم، منذ أن حمل صلى الله عليه وسلم راية إصلاح المجتمع، وتبليغ الرسالة، ووجد من الاضطهاد والظلم والأذى ما الله به عليم، ومنهم مَن أساء إليه لأسباب طبقية وقبلية، ومنها نفسية تتجسد في الغيرة والحسد، ومن القريب قبل البعيد. اليوم نرى التاريخ يعيد نفسه، فما يحدث من تمزق بين أبناء الإسلام، وما يحصل من بعضهم من تشويه للإسلام، فيه إساءة مباشرة لسمعة نبيهم الكريم، بما يخالف سنته، فأفكارهم المتشددة، أو المتطرفة، والتكفير، والتفجير، والقتل، والابتعاد عن الدعوة بالتي هي أحسن، فما الذي يجعلنا نتوتر إذا أساء غير المسلمين لنبينا، وبيننا مَن يسيء للإسلام في كل يوم، وفي كل لحظة -قاتلهم الله- ألم يحن الوقت لنستيقظ من غفلتنا، ونعي أن بعض المسلمين أشد خطرًا على الإسلام من غيرهم؟ إذًا المطلوب إيقاف ردود الفعل الموتورة المصحوبة بشعار حب الرسول الأعظم، إن حبه يستلزم الاقتداء به. أسوق هذا الحديث، ونحن نعيش أجواء الهجرة النبوية الشريفة، وحق لنا أن نحتفي به، وفي ظلال المحبة نلتقي. فاكس: 026980564 [email protected]