في الأيام الماضية احتفل العالم باليوم العالمي للطفل تمشيًا مع توصيات الجمعية العمومية لهيئة الأمم عام 1954م أي قبل 56 سنة ميلادية والذي أعلن فيه توصيات حقوق الطفل والاحتفال بهذا اليوم بوصفه يومًا للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال ومن أجل تعزيز رفاهية أطفال العالم. وحسب تعريف الأممالمتحدة فإن الطفل هو كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر وله حقوق مثبتة في الإعلان الدولي بفقراته العشر حيث تؤكد فيها تمتعه بحقوقه دون أي تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين والانتماء القومي والأصل الاجتماعي والثروة والنسب، إضافةً لحقه بالنمو الطبيعي جسميًا وعقليًا وخلقيًا وروحيًا في جو من الحرية والكرامة، وأن يكون له حق الاسم والجنسية والخدمات الصحية، وحقه بالعيش في وضع فيه الحب والمودة، وعدم فصله عن أمه، وحقه بالتعليم المجاني، وتوفير مستلزمات اللعب، وخلق جو الفرح والمرح له، وأولوياته بالحصول على الحماية والإغاثة، وتمتعه بمراحل الطفولة كاملةً، وعدم إجباره على العمل، وحمايته من أشكال التمييز العنصري والديني كافة، وتربيته بروح الحب والتسامح والسلم والصداقة والإخاء بين الشعوب. وهذا ما نص عليه ديننا الإسلامي وحث عليه رسولنا الكريم. الحمد لله أننا ننعم بنعمة الإسلام، وبخُلق القرآن، ودين يشمل الصغير والكبير من حفظ الحقوق والواجبات، حيث أولى الطفل اهتمامًا منذ ولادته حتى نضوجه لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) سورة النساء آية (11)، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أكرموا أولادكم وأحسنوا تأديبهم). فالطفل في الإسلام هو أمل المستقبل وإنسان الغد، حيث حرص الإسلام على إعطاء الطفل حقوقه ورعايته، وأوصى الوالدين والمجتمع به ووجوب رعايته والمحافظة على صحبته وأخلاقه وتربيته تربيةً إسلامية صحيحة منبعها القرآن والسنة. فإظهار هذا اليوم الذي فيه يصبغ أطفال الكرة الأرضية وجوههم وألعابهم بألوان الفرح والسرور والابتهاج.. هو التذكير بحقوق الطفل الذي يحق له مهما كان لونه وعرقه وانتماؤه أن تكون له كل الحقوق التي يجب تطبيقها. ولقد احتفلت المملكة بيوم الطفل العالمي ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام والتي نظمت المهرجان العالمي في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض والذي شهد العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والترفيهية والتربوية الخاصة بنواة المستقبل العديد من السفارات العربية والصديقة. وهنا لا يفوتنا أن نشيد بوكالة الشؤون الثقافية على هذه اللفتة الجميلة بالاحتفال بهذ اليوم ومواكبة هذا الحدث العالمي. كما نثمن التجاوب الكبير من معالي وزير الثقافة والإعلام الذي حرص على التواجد والمشاركة في هذه التظاهرة الإعلامية الثقافية دعمًا منه لبرامج الأطفال وأنشطتها وتبني طموحات وآمال ورغبات أبنائنا وبناتنا الذين شاركوا في هذا الحدث والذين يتطلعون لمسرح الطفل لإبراز وعرض مواهبهم ومشكلاتهم بأسلوبهم المعبر، وسينما للأطفال التي أصبحت مطلبًا مهمًا لدى المجتمع لما تخلقه من وعي وإدراك يساعد ويساهم في نمو الأطفال فكريًا وتربويًا، علمًا بأن الأفلام الكرتونية والمخصصة لهذه الفئة مُجازة من قبل الجهات المسؤولة بهذه الوزارة ومنتشرة في المكتبات والأسواق وكم أسعدنا الوعد الذي أطلقه معالي الوزير على نفسه بإطلاق الموسوعة الشاملة للطفل والتي ستقدم نقلة نوعية في البرامج والفعاليات تجاه الطفل وثقافة تعزيز قدراته. ورغم الاحتفال العالمي بهذا اليوم والجهود التي تبذلها المنظمات الدولية والمعنية بالطفولة إلا أن هناك العديد من الممارسات التي يندى لها الجبين، مثل العنف الموجه ضد الطفل، والتحرش الجنسي وعمالة الشوارع، وضحايا أطفال المخدرات والإيدز.. والتي تتطلب من جميع الجهات المسؤولة التعاون من أجل القضاء على هذه المعضلات والظواهر الشاذة التي تهدد فلذات الأكباد، وتحرمهم من العيش السعيد. وما نشهده اليوم في مملكتنا الحبيبة أن هناك اهتمامًا واضحًا وصريحًا بالطفولة من أعلى الهرم القيادي، حيث تم تغيير مُسمَّى اللجنة الوطنية السعودية للطفولة إلى اللجنة الوطنية للطفولة وقد مُنحت صلاحيات مُتعددة، وهذا الاهتمام ترجم مؤخرًا بموافقة مجلس الوزراء على انضمام المملكة إلى عهد حقوق الطفل في الإسلام الصادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي. ونظرًا لأهمية هذا اليوم العالمي وما يشكله من رسالة سامية وهادفة لفئة غالية علينا، نرى أن يُنظَّم للاحتفال بهذا اليوم على مستوى مدن المملكة، وأن تشارك فيه القطاعات ذات العلاقة مثل: الإعلام والتربية والتعليم، ورعاية الشباب والتجارة والصناعة، والجمعيات والأندية الرياضية والأدبية، على أن يتم تفعيل هذا اليوم من خلال مهرجانات تشمل الندوات والمحاضرات وورش العمل والأنشطة الترفيهية والتثقيفية التي تعنى بقضايا الطفولة، ويكون هناك استراتيجية إعلامية تحدد من كل الجهات مهامها، والحرص على تنفيذها وتسليط الضوء عليها من قِبَل وسائل الإعلام المختلفة. وبهذا إذا استطعنا تحقيق هذه الرؤى نستطيع أن نكون قد حددنا نقطة الانطلاق نحو الوفاء باحتياجات الطفولة ومتطلباتها والحفاظ على القيم الروحية السامية النابعة من أصول شرائعنا السماوية وثقافتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية التي تدعو إلى التماسك والتآزر والمودة من أجل تحقيق وطن متكافئ.