تستأثر مكةالمكرمة بنحو 60% من إجمالي أعداد الفنادق بالمملكة حسب الإحصائيات الرسمية، التي أوردتها الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرًا.. ويأتي تربع أم القرى على قائمة فنادق المملكة نظرًا لموسمي الحج والعمرة، اللذين يستقطبان قرابة سبعة ملايين ما بين معتمر وحاج سنويًا.. “المدينة” استطلعت آراء عدد من المستثمرين والمسؤولين في مجال الفنادق حول آلية مراقبة هذه الفنادق وإيجاد مرجعية أمنية. كيان أمني مستقل في البداية يشير فهد بن عليان رئيس مجلس إدارة شركة نجمة العليان لأعمال الحج والعمرة إلى أن الدور الرقابي على الفنادق أقل من متوسط لأنه موزع بين وزارات الداخلية والتجارة والشؤون البلدية والقروية والهيئة العليا للسياحة، ومن الأسباب المؤدية إلى ضعف هذا الدور هو عدم تفاعل إدارات الفنادق مع شروط جهات الاختصاص المسؤولة عن الفنادق وضعف الرقابة من الجهات ذات الاختصاص بصفة دورية لتفعيل الدور الرقابي مع وجود عمالة موسمية غير نظامية وغير مؤهلة، مما جعل الدور الرقابي بين كل جهة وأخرى من قوي إلى متوسط وإلى ضعيف، مشيرًا إلى أن معظم الفنادق وخاصة ذات فئة الأربع نجوم تفتقد وسائل المراقبة الحديثة؛ إن لم تكون معدومة فيها أصلًا ولا شك فإن ذلك يمثل هاجسًا يؤرق الكثير من النزلاء، حيث يُكتفى بالحراسات الأمنية فقط ومفهوم ذلك وجود حارس أمن من قبل إحدى الشركات أمام مدخل الفندق فقط كما أنه ليس في جميع الأوقات. واقترح ابن عليان إنشاء كيان أمني مستقل تكون مهامه متابعة ومراقبة الفنادق والدور السكنية أمنيًا على غرار ما هو معمول به في بعض الدول العربية والأجنبية لضمان دقة المراقبة وضبط أية مخالفات أو تجاوزات قد تحدث في هذه الفنادق أيا كان نوعها سواء فيما يتعلق بالنزلاء أو العاملين. شركة للمراقبة ويقول خليل بن عبدالرحمن بهادر مستثمر في المجال الفندقي والسياحي: إن مراقبة الفنادق والدور السكنية هي من اختصاصات الهيئة العليا للسياحة والآثار بعد سحبها من وزارة التجارة والصناعة، حيث تقوم الهيئة بزيارات للفنادق كما أنها توثق أية مخالفات أو تجاوزات يتم رصدها عبر التصوير الفوتوغرافي، مشيرًا إلى أن عددًا من المستثمرين سبق أن طالبوا بإنشاء شركة تابعة لهيئة السياحة تتولى عمليات المراقبة والمتابعة وحل المشكلات والإشكاليات التي قد تحدث في الفنادق. وأضاف أنهم التزموا في مجموعتهم الفندقية بتركيب كاميرات للمراقبة والرصد، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن يتم السماح بإصدار التأشيرات السياحية طوال العام وليس خلال موسمي العمرة والحج ليستفيد المستثمرون وملاك الفنادق من هذه الدور طوال العام. ويؤكد محمد بن سعد القرشي مستثمر في مجال الفنادق الخاصة بالمعتمرين أن الهيئة العليا للسياحة والآثار هي الجهة المسؤولة عن مراقبه الفنادق، مشيرًا إلى أن الدور الرقابي ليس ضعيفا كما يقال بل بالعكس هيئة السياحة والآثار تولت مهام رقابة الفنادق من وزارة التجارة في فترة بسيطة، وتم إيجاد مقر لها في مكةالمكرمة وهي تقوم بدورها حاليا وفق خططها وبرامجها، لافتًا إلى وجود رقابة مستمرة ودائمة، حيث توجد لجان متابعة من قبلها لجميع الفنادق والدور السكنية خاصة في مكةالمكرمة. وقال: يمكن تقوية الدور الرقابي على الفنادق من خلال وضع آليات دقيقة وضوابط تمشي عليها جميع الدور السكنية والفنادق ووضع استراتيجية في التسعيرة والأمن الداخلي والخارجي للفنادق، ومن يخالف ذلك يكون عرضة للجزاء والعقاب والغرامات المالية، مشيرًا إلى أنه بالإمكان إلزام الفنادق بالتعاقد مع شركات أمنية لحراسة الفنادق داخليًا وخارجيًا، ويكون هذا التعاقد إجباريًا من هيئة السياحة والآثار مع تركيب كاميرات مراقبة على أعلى مستوى من الدقة والجودة لضمان المراقبة الجيدة لجميع النزلاء والعاملين في هذه الفنادق. التبليغ بالتعليمات ويقول رئيس لجنة الفنادق بالغرفة التجارية الصناعية بمكةالمكرمة وليد أبو سبعة: إن الدور الرقابي على الفنادق هو من اختصاصات وزارة الداخلية ممثلة في الجوازات ومن وزارة العمل ممثلة في مكتب العمل، مشيرًا إلى أنه من خلال متابعته لأوضاع الفنادق الموجودة في مكة والبالغ عددها (450) فندقًا فإن الدور الرقابي موجود وهناك حملات مستمرة من قبل هذه الجهات لرصد أية مخالفات أو تجاوزات. وأضاف: إن دور لجنة الفنادق بغرفة مكة يقتصر على تبليغ الفنادق والمستثمرين بالأنظمة والتعليمات التي تصدرها الهيئة العليا للسياحة والآثار والتعليمات التي تصدرها الجهات المختصة مثل وزارة الحج ووزارة الداخلية وغيرهما من الجهات، مشيرًا إلى أن الإشكالية التي تواجه المستثمرين في مجال الفندقة والسياحة هي عدم توفر تأشيرات لاستقدام عمالة تستطيع أن تشغل وظائف الفندق خاصة خلال المواسم في ظل عزوف الشباب السعودي عن التقدم لهذه الوظائف التي تمثل 60% منها وظائف عمال نظافة و10% عمال طبخ و5% عمال حاملي حقائب وهذه الوظائف تجد عزوفا كبيرا من قبل الشباب السعودي بسبب نقص ثقافة العمل المهني لديهم. وأبان أن العمالة المتخلفة -التي دخلت إلى البلاد بطريقة غير نظامية- تشكل خطرًا أكبر من خطر العمالة التي دخلت بتأشيرات عمرة وتخلفت، نظرا لأن هذه العمالة المتخلفة ليس لها مرجعية تستطيع الوصول إليها في حالة ارتكاب حادثة أو مخالفة، مشيرا إلى أن الحل يكمن في الإسراع في منح التأشيرات ووضع تنظيم للعمالة الموسمية لكي لا تضطر الفنادق أو غيرها من المنشآت الأخرى إلى الاتجاه إلى العمالة المتخلفة لتسيير أمورها خاصة المستثمرين في موسمي الحج والعمرة. جولات أسبوعية ويقول مدير مكتب العمل والعمال بالعاصمة المقدسة فهد الشمري إن هناك فرقًا مكونة من مراقبي المكتب وجوازات العاصمة المقدسة تقوم بجولات أسبوعية على الفنادق في المنطقة المركزية حول الحرم المكي الشريف طوال العام للتأكد من نظامية العمالة ومدى الالتزام بنسب السعودة، التي تم إقرارها من قبل وزارة العمل، مشيرًا إلى أن هذه الجولات يتم تكثيفها خلال المواسم. وأضاف الشمري: من خلال الجولات الميدانية اتضح أن 30% فقط من هذه الفنادق التزمت بنسب السعودة المحددة من قبل الوزارة، مشيرًا إلى أنه يتم تطبيق العقوبات النظامية بحق المخالفين سواء من الملاك أو المستثمرين. ويوضح المتحدث الرسمي لإدارة الجوازات بمنطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين أن الجوازات تقوم بحملات مشتركة مع الجهات ذات العلاقة للفنادق والشقق السكنية تحت مظلة إمارة منطقة مكةالمكرمة أو حملات منفردة من قبل الجوازات حسب نوعية المواقع مشيرًا إلى أن دور الجوازات يقتصر على متابعة العمالة التي لا تحمل إقامة نظامية، أما فيما يتعلق بمخالفة أنظمة العمل فهي من اختصاصات مكتب العمل والعمال. وأضاف الرائد الحسين أن الرقابة على الفنادق مستمرة سواء حسب البلاغات التي ترد على الرقم (992) أو حسب الخطط المجدولة مسبقا أو الحملات الفجائية خاصة في المواسم، مشيرًا إلى أن جميع المواقع سواء من المحلات التجارية أو الشقق تخضع لهذه الحملات. وأبان أنه في حالة ضبط مستثمر أو صاحب منشأة يقوم بتشغيل عمالة متخلفة فإنه يتم تغريمه بعشرة آلاف ريال حسب قرار اللجنة الإدارية بالجوازات، مشيرا إلى انه يتعين تعاون المواطنين مع رجال الجوازات للإبلاغ عن أية عمالة متخلفة. ضبط المخالفات ويقول عبدالله بن عبيدالله السواط مدير فرع الهيئة العامة السياحة والآثار بالعاصمة المقدسة تسلمت الهيئة مهمة الإشراف على مرافق الإيواء السياحي الفنادق والوحدات السكنية المفروشة بعد صدور قرار مجلس الوزراء في 16/3/1429ه من وزارة التجارة، وكان عدد الفنادق نحو (668) فندقًا بمكةالمكرمة على جميع التصنيفات وبعد أعمال الإزالات التي تمت في المناطق المجاورة للحرم أزيل عدد كبير من الفنادق الصغيرة، ولم يراجع أصحابها لإلغاء قرارات التشغيل لتلك الفنادق كما أن عددًا كبيرًا من الفنادق الجديدة سعت للحصول على التراخيص اللازمة من الهيئة العامة للسياحة والآثار، وجارٍ حاليا إعادة حصر لجميع فنادق مكةالمكرمة وتحديث بياناتها، مشيرًا إلى أن تصنيف الفنادق جارٍ على قدم وساق لاستكمال تصنيف الفنادق بمكةالمكرمة، الذي من المتوقع أن يعلن قبل نهاية هذا العام الحالي الذي سيحدد تصنيف الفنادق وفقا للنظام العالمي للتصنيف وهو تصنيف النجوم. وأضاف أن الهيئة العامة لديها تنسيق مع عدد من الشركاء الحكوميين قبل منح أي فندق ترخيص تشغيل ومنها أمانة العاصمة المقدسة التي تتأكد من سلامة المبنى إنشائيا وإدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة، التي تتأكد من سلامة المبنى من ناحية الأمن والسلامة ومع الشرطة لإحضار اشتراك في الرابط الأمني وجميع تلك الجهات تعمل سويا لضبط أي مخالفات على الفنادق، كما أن الهيئة العامة للسياحة والآثار مسؤولة عن ضبط الخدمة في الفنادق وجودتها وهناك جهات أخرى تشارك في رصد وضبط المخالفات ومنها هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث العامة والجوازات ومكتب العمل ووزارة الحج كل في اختصاصه. وأبان أنه منذ تسلم الهيئة لمهام الإشراف على الفنادق عملت جادة على تفعيل إجراءات الرقابة والجودة ويساهم فريق الهيئة الموجود حاليا بمكةالمكرمة والفرق المساندة من أمانة الهيئة والمناطق الأخرى لفريق مكة بين الحين والآخر في تفعيل الدور الرقابي بشكل مميز، إضافة إلى المشاركة في عدد من اللجان المتخصصة والمشكلة بمكةالمكرمة مثل لجنة الكشف على المباني الآيلة للسقوط واللجنة الأمنية، كما أن هناك تنسيقًا مميزًا مع وزارة الحج، مؤكدًا أن الدور الرقابي على الفنادق ليس ضعيفًا كما يقال. وأوضح أن الهيئة دأبت على تطوير أدوات العمل وأساليب الرقابة للرقي بقطاع الإيواء في المملكة والعمل على تطويره، مشيرًا إلى أنه تم إيجاد حلقة وصل فعالة في التعامل مع الشركاء في القطاع الخاص بعقد عدة ورش عمل تتضمن العديد من التطلعات والآمال وتوضح الصورة لهم، وقد أنتجت تلك الورش العديد من المزايا منها الوضوح والشفافية في الإجراءات الذي ساعد كثيرًا من المستثمرين على تحقيق الرقابة الذاتية على منشآتهم، لافتًا إلى أن الهيئة تؤيد دوما كل ما يحفظ الأمن داخل المنشأة ويحقق الاستقرار والراحة والأمن للنزيل، ومن ذلك تركيب كاميرات مراقبة وإذا رأت الجهات الأمنية وجوب ذلك فإن الهيئة ستسعى لتطبيقه. وأوضح أن الهيئة هي الجهة المعنية بمخالفات الفنادق ومتابعتها وضبطها والعمل على تصحيحها، مشيرًا إلى وجود لائحتين تنفيذيتين إحداهما للفنادق والأخرى للوحدات السكنية المفروشة ومحدد بالنظام ولوائحه التنفيذية المخالفات والعقوبات والمبالغ المترتبة على تلك المخالفات وإن كانت الهيئة تعمل جاهدة على تحقيق مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص وتبيين منافع الرقي بصناعة الفندقة على تحقيق مردود إيجابي مميز لكل الأطراف المستثمر والنزيل، ومن هنا سعى كثير من المستثمرين إلى مراعاة ذلك وتوصلوا إلى أهمية تحاشي كل مخالفة الأمر الذي حقق المزيد من الرقي في التعامل مع النزلاء وقد يكون مستقبلا أداة فعالة للحد من المخالفات وما يترتب عليها من غرامات مالية.