قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن واشنطن تواصل العمل بصورة حثيثة من أجل تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وجاءت تصريحات كلينتون بعد يوم من إعلان مسؤول فلسطيني أن الإدارة الأمريكية أبلغت الفلسطينيين فشلها في إقناع الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان وهو ما رفضت الخارجية الأمريكية تأكيده أو نفيه، كما أن تصريحات كلينتون لم تنفه بل جاءت كحديث في سياق عام عن عمل واشنطن لتحقيق السلام. والسؤال هنا هل ما تقوم به واشنطن كافٍ حقا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط أم أنه مجرد جهد ضائع أو محاولات خجولة لتقديم جوائز لإسرائيل مقابل تعطيلها للعملية السلمية فيما تزداد إسرائيل تطرفا وعدوانية؟ وليس من المفهوم أن تعلن كلينتون أن إدارتها تعمل من أجل السلام فيما إسرائيل تعلن عبر حكومة نتانياهو عن بناء 625 وحدة استيطانية في مستوطنة بسغات زئيف وبناء 130 وحدة في مستوطنة جيلو وقبلها بناء سكة حديد تربط مستوطنة ارييل بتل ابيب. فلو كانت واشنطن تعمل حقا على تحقيق تقدم في عملية السلام لضغطت على إسرائيل لوقف هذه المشاريع الاستيطانية الجديدة من باب أولى وهي التي تعمل جاهدة (حسب تصريحات مسؤوليها) لإقناع تل أبيب بتجميد الاستيطان القائم حاليا. ولو كانت إسرائيل مهتمة بشكل حقيقي بالسير قدما في العملية السلمية لما بادرت للإعلان عن هذه الخطط الاستيطانية الجديدة وهي تعلم تماما استحالة تقدم المفاوضات في ظل الاستيطان الذي كان السبب الأساس لتوقفها بداية. وكما يبدو فلا إسرائيل معنية بالسلام ولا واشنطن لديها الرغبة الحقيقية في ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل لدفعها للالتزام باستحقاقات السلام التي تحتاج إلى تنازلات من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لإنجاحها. وحاليا تبدو الصورة قاتمة جدا، فغزة تخضع لحصار إسرائيلي، والضفة تتعرض للقضم بالمشاريع الاستيطانية والسلطة الفلسطينية لا تملك إلا رفض التفاوض في ظل شروط غير مقبولة، وإسرائيل لا تبالي بأحد، أما السلام فهو يبدو أبعد كل يوم، وما تقوم به واشنطن من عمل حثيث حسب ما أعلنت وزيرة الخارجية ليس كافيًا أبدًا.