هنا تصول العمالة الوافدة وتجول، تزرع العشوائية والفوضى وتُرّوج للمواد الفاسدة بحثًا عن الربح السريع بأي طريقة حتى لو كان ذلك على حساب المواطن والحاج والمعتمر. هنا أيضًا لا تستغرب إذا رأيت عاملًا وافدًا يمارس الطب الشعبي ويدّعي علاج جميع الأمراض، وآخر يبيع مواد غذائية فاسدة تزكم الأنوف، وثالثًا يفتتح ورشًا لإصلاح السيارات المتضررة بعيدًا عن أعين الجهات الرسمية في الشرطة والمرور وغيرهما. شارع المنصور بات مثقلًا بالعشوائيات التي لم تخف عن أنظار الجميع، سهر بالليل إلى قرب الفجر وبيع للحوم الفاسدة وللخضروات والفواكه مجهولة المصدر، كل هذا وغيره تجده داخل أزقته الحبلى بالنشاطات والممارسات الخاطئة، وفي المقابل يتساءل البعض من المواطنين: كيف لأصحاب العمائر والشقق أن يؤجروا لهؤلاء المخالفين مساكنهم ويتسترون عليهم وهم لا يحملون بطاقات للإقامة. ويتساءلون عن كيفية السكوت عنهم حتى وصل بهم الحال إلى أريحية تامة في ممارسة البيع على الأرصفة أمام ناظري المارة وبمقربة من أعين المكلفين بمراقبتهم ومنعهم. وكان من الملاحظ أنهم يتخيرون ما يريدون بيعه بحسب هواهم فالملابس المستعملة والاجهزة المسروقة كان لها رواج قوي داخل جنبات سوقهم الذي أقاموه بأنفسهم بين أزقة المنصور وعلى مقربة من الشارع العام كل جمعة. كما تنتشر بعض الممنوعات كالمقويات الجنسية في مبيعاتهم فيما يروج آخرون لوصفات لعلاج السكر من ثمرة القورو. غياب الرقابة وفي البداية قال عامل يمارس الحجامة داخل أزقة المنصور: إنه يمارس تلك المهنة منذ فترة ليست بالقليلة، موضحًا أنه ليس هناك شيء يدعو إلى القلق أو الخوف لمنعهم من ذلك لأنهم يأخذون الحيطة والحذر للمداهمات التي تحصل أحيانًا. لكنه اعترف أنها ليست بالمستمرة وقال: اخترنا هذا المكان نحن وغيرنا من الحجامين داخل أزقة المنصور القريبة من شارع أم القرى العام لانزوائه نوعًا ما عن رجال الأمن ولقربه من الحرم والأسواق الرئيسية وعلى هذا الأساس نعرض لزبائننا أوراقًا تعلمهم مدى فائدة الحجامة وأنها سنة حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ثم نجد إقبالًا كبيرًا. وأضاف إن سعر الكأس الواحد للحجامة لا يتجاوز العشرين ريالًا. مشيرًا إلى أنه يعالج المرضى منذ ما يزيد على خمس سنوات وأن هناك أعدادًا كبيرة غيره تمارس المهنة وهذا ما رصدته عدسة “المدينة” أيضًا. أما صين بكن قدم للحج حاملًا على ظهره عددًا من الأدوية والعلاجات والمراهم والوصفات الدوائية الأخرى وأخذ يتنقل بها عبر رحلته بين مكة والمشاعر، واستقر به الوضع على أرصفة شارع الحفاير أمام كوبري المنصور الشرياني الذي يربط الستين بالحفاير بشارع أم القرى ولا يبعد عن الحرم سوى ثوانٍ معدودة، وقد غصت به وبغيره من الشوارع والمجمعات الحيوية الملاصقة للمنطقة المركزية أعداد كبيرة من العمالة التى تروج لبضائع مجهولة المصدر. وقال: إن الحجاج يقبلون على هذه الأصناف وكان مما لمحته “المدينة” داخل بسطته العديد من المقويات الجنسية التي كتب عليها عبارات خادشة للحياء، إضافة إلى رسومات مخلة وأوضح أنه لم يجد معاناة تذكر مع المراقبين الكفيلين بمنع البيع العشوائي سوى بعض الأوقات التي لا تكاد تذكر كأوقات الصلاة ودخول وخروج الحجاج من وإلى الحرم عندها نختفي عن الأنظار حتى يستتب الوضع ونعود لممارسة البيع بقية يومنا. وذكر أنه يكتفي ببيع أدويته على بني جلدته لأن تلك العلاجات أنسب لهم ولطبيعتهم. افتراش عشوائي من جانبه قال سامي برناوي أحد سكان المنصور: إن مخاطر مشكلة الوافدين وبيعهم العشوائي لا تقف عند حد، فهم يشوهون واجهة مكة بسبب الافتراش العشوائي الذي لا يترك مجالًا لمن يريد المرور من الشارع. موضحًا أنهم يبيعون وصفات علاجية غير صحيحة مثل ثمرة القورو لعلاج السكر وبيع الأشرطة والسيديهات المشبوهة على قارعة طريق الحفاير وبيع الملابس المستعملة رغم الأضرار الصحية لذلك. وقال حميد البركاتي موظف مستأجر في شارع المنصور أنه يفكر في الرحيل من الحي الذي يغص بالمتخلفين. موضحًا أنهم باتوا يخشون على أبنائهم من الوضع الراهن. وذكر البركاتي أن هؤلاء المخالفين أقاموا سوقًا خاصًا بهم بين أزقة المنصور كل يوم جمعة، وأن أغلب ما يعرض به عبارة عن بضاعة مشبوهة تضم ملابس مستعملة وأدوات كهربائية وبنائية غالبًا ما تكون مسروقة ولا سيما الجوالات والتلفزيونات. وذكر أن المواطن عندما يسرق منه شيء يتبادر في ذهنه مباشره الذهاب إلى ذلك السوق للبحث عن ضالته إلا أنه لا يستطيع الذهاب إلى هناك لاحتياطهم الشديد من المواطن السعودي وعدم الإفصاح له بشيء يدار داخل أروقة وزوايا ذلك السوق المجهول. أما حميد العيافي أحد أصحاب المحلات التجارية النظامية في شارع المنصور التي تشهد أمامها بيع عشوائي قال: إن هؤلاء تسببوا في إزعاجنا وإحراجنا مع زبائننا. وتساءل ما الفائدة من محلاتنا التجارية النظامية والوافدون يمارسون بيعهم العشوائي بكل قوة دون منعهم، وعند إبلاغنا عنهم للجهات المسؤولة لا نجد أي تجاوب ملحوظ. من جهته أشار بخيت علاوي إلى معاناته من العشوائيات طيلة العام وتزداد المحنة وقت المواسم. موضحًا أنهم يقيمون ورشًا لسمكرة وإصلاح السيارات داخل أحواش مهجورة، كما يبيعون الخضروات الفاسدة مجهولة المصدر. وأرجع انتشارهم إلى عدم ملاحقتهم ومتابعتهم بشكل مستمر وقوي ودعا صالح سمير وأحمد الأبرقي من سكان المنصور إلى سرعة متابعة هؤلاء وملاحقتهم حتى لا يصل ضررهم للسكان، وأضافا أصبحنا ندخل ونخرج إلى منازلنا وكلنا خوف من أولئك الذين غصت بهم شوارع وأزقة المنصور وطالبا بمتابعتهم وعدم إفساح المجال أمامهم للانتشار وتحقيق أرباح كبيرة على حساب مصلحة المواطن والمقيم. ---------------------------- الأمانة: تشكيل لجنة ثلاثية لمراقبة الأحياء العشوائية قال الناطق الإعلامي بوكالة الخدمات بأمانة العاصمة المقدسة سهل حسن مليباري إن هناك لجنة مشكلة من الامارة والامانة والشرطة لمراقبة ما يدار داخل الاسواق والاحياء من بيع عشوائي يرتكبه وافدون متخلفون، إضافة إلى الدور الايجابي الذي تقوم به البلديات الفرعية ان حيث إن الجهود مستمرة طوال العام لملاحقتهم ومحاولة التخفيف من ممارساتهم والحد منها سواء كان بيعا او حجامة او غيرهما من الممارسات الخاطئة. واعترف أنه ورغم بذل جميع السبل إلا أنهم لا يزالون موجودين بشكل كبير ومخيف يدعو الى القلق. وقال: إن موظفي الامانة يفتقدون لحماية موظفيها من التعرض للمخاطر من قبل هؤلاء الوافدة، حيث إن العديد منهم قد تعرض للضرب والشتم والاهانة من قبل عصابات تشكلها الوافدة داخل عدد من الاحياء التي تشهد عشوائيات مخيفة كشارع المنصور والمسفلة وحوش بكر والهنداوية وجبل غراب. وأوضح أن من الاسباب التي ربما تعوقنا في أداء عملنا هو عدم تجاوب الدوريات الامنية بشكل مستمر حتى نتمكن من إقفال عشوائياتهم ومحاصرتهم في أي وقت. وأكد أن هناك أحياء لا نستطيع أن ندخلها إلا بمرافقة الدوريات الامنية لنا لأن الوضع مخيف ونضطر أن نؤخر جولاتنا في بعض الأحيان لعدم وجود دوريات أمنية في نفس الموقع مما يضطرنا ذلك للتنسيق معهم ليأخذ ذلك وقتًا كبيرًا وهذا هو السبب الرئيسي الذي يعوق تحركاتنا الى داخل بعض الاحياء العشوائية المخيفة. واضاف إن العامل الآخر الذي سيكون له اسهام اكبر في الحد من هؤلاء وعبثهم هو إقامة احياء حديثة، وهذا ما امر به خالد الفيصل امير منطقة مكةالمكرمة وإزالة الاحياء العشوائية التي تعد المرتع الخصب لمثل هؤلاء من الوافده وإعادة دور مكافحة التسول السابق إلى محله فهو ايضا يحد من تزايد اعداد الوافدة داخل أراضي مكة وبين أحيائها.