مذكّرات: طريق رفحاء حفر الباطن

أنا الطريق الواصل بين شرق الوطن وشماله الغربي، بين دول الخليج العربي وبلاد الشام، رأسي في رفحاء وقدماي في حفر الباطن، في الماضي كنتُ طريقًا واصلاً بين الحلم والحياة، يعبرني يوميًّا آلاف البشر والمركبات، ويعودون من خلالي أيضًا، لازلتُ أتذكّر وجوههم، وأتلمّس إطارات سياراتهم، حتّى أغانيهم كنتُ أشاركهم فيها، “نسّم علينا الهوى من مفرق الوادي”، و“ياراعي الباب الحديد انتهينا”، و“أيووووه قلبي عليك إلتاع”، ببساطة كنتُ أشاركهم عشقهم، وأملهم، وألمهم، وحبهم للحياة، كل هذا في الماضي، الآن صرت أشاركهم انتظارهم للموت، وترديد هذه الآيات: “كل نفسٍ ذائقة الموت”، “وما تدري نفسٍ بأي أرضٍ تموت”!، مثلهم.. لستُ معترضًا على قضاء الله وقدره، لكني معترضٌ على قضاء البشر، وجشعهم، وغشّهم، وفسادهم الذي أصبح كالأخطبوط.. حتى طالتني أياديه النتنة، في الماضي كان جسدي جميلاً.. يُشبِه جسد “هيفاء وهبي” الآن أصبح يُشبه جسد “صباح” كثيرًا، ويذكّر العابرين بطيّبَة الذكر “مريم فخر الدين”، هذا بعد أن لعب بي سماسرة التجميل المزعوم، فمشروع الصيانة الذي يخرج من الوزارة بمبلغٍ ضخمٍ ومَهُول، لا يصلني إلاّ بعد أن يتقلّص ويُصبِح ضئيلاً.. لا يوازي ما أمّلوني به، وما تمّت صيانته في هذه السنة يحتاج لصيانة بعد أقَلّ من 3 شهور، نسيت أن أخبركم بأنّ جسدي يعاني الآن من أكثر من جبيرة “تحويلة” مهملة منذُ سنواتٍ طويلةٍ، فهل يدري مسؤولوكم يا بني البشر بواقعي الأليم؟! إن كانوا لا يعلمون فلدي الكثير من التقارير، وأشياء المسافرين -ملابسهم الملطّخة بالدّم، فواتيرهم، أدويتُهُم، أوراقهم، بقايا مصاحفهم، وشيءٌ من أديمهم وعظامهم-! أي نعم الشهود ذهبوا، ولكن بقي التاريخ ليحكي من أوسع أبوابه، أو من أوسَخ أبوابه! حتّى ذلك الحين سأكمل حديثي لنديمي قطعة الحديد “أنبوب التابلاين” فقد أثبتت لي السنوات الطّويلة.. بأنّ الحديد أحَنّ قلبًا من التراب!!
***
دُعَاء:
اللهم إنّا ندعوك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، اللهم اشفِ “أبا متعب”، وامنحهُ السلامة لنُشْفى، وَيُشفى هذا الوطن.
al_faqre@hotmail.com