* مشهد الخادمة الإندونوسية التي تعرضت للتعذيب على يد مخدومتها في المدينةالمنورة عنيف لدرجة غير معقولة إطلاقاً. لا يمكن التفكير أبداً في لجوء إنسان إلى العنف لأذية آخر بهكذا صورة لمجرد عدم أدائه العمل كما يطلبه منه الطرف الأول. فالتشوهات التي حدثت في وجه الخادمة تدلل على انحراف نفسي خطير جداً جداً. وهو ما يدعو إلى التساؤل بهول عن الأسباب التي تدفع سيدة إلى إحداث تشوهات بهذه الصورة في خادمتها!! * لو أود حقاً أن أتفذلك كما فعل البعض وأدافع أو أبرر أو ألُفَّ وأدور فالحق في هذه الحالة واضح وبيِّن مهما فعلت الخادمة فمهما كان وزرها إلا أن اللجوء إلى الطريقة التأديبية العنيفة التي قامت بها مخدومتها ليس سوى تعذيب لا يقبل به شرع أو ضمير أو عرف مجتمعي. * وحادثة الخادمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من حوادث العنف المنزلية أو المجتمعية هنا فوق هذه التربة التي خرج منها اعظم دين وأرحم نبي عليه الصلاة والسلام فكم من القصص الواقعية التي روتها الصحافة والمنتديات المجتمعية عن سلوكيات تعذيب وعنف ضد الخدم من الجنسين، وكم من الأحداث التي روتها وسائل الإعلام عن عنف أسرى من أحد أفراد الأسرة زوج أو زوجة أو أخ ضد أفراد آخرين من الأسرة، وكم من خلاف بين طلاب مدارس في مراحل مبكرة من الدراسة تحول إلى قتل وإصابات وعاهات وكم من قصة رويت عن عنف معلمين وتربويين ضد أطفال صغار من البنين والبنات وصل إلى حد التشوهات والإصابات الكبيرة. * أحسب واجري على الله أننا وخلال العقود الثلاثة الماضية وبسبب التحولات المادية والمجتمعية تحولنا إلى مجتمع عنيف لا يعرف أخذ حقوقه سوى بالقبضة والخشونة، فالمعاناة الحياتية اليومية لكثير من السعوديين انعكست في سلوكياتهم تجاه بعضهم البعض، وكأن كل فرد منهم يود أن ينفِّس عن نفسه وكبته بفش خلقه في الآخرين، وهو ما نشاهده كل لحظة وفي كل مكان من خصام لمجرد عدم تحرك السائق من أمام إشارة المرور بسرعة أو عند وقوفه أو مروره أمام سيارة الآخر بطريقة غير مناسبة. * كذلك ما يحدث من خلافات داخل الأسر يتحول من أحد اطرافها نتيجة لعدم قدرته على أخذ حقه إلى عنف يشوه هذا ويصيب آخر، وخاصة من الأطراف الضعيفة. فالمرأة التي لا تستطيع مقاومة زوجها تصب جام غضبها على ابنائها وعلى الخدم كما حدث مع أكثر من خادمة آخرها خادمة المدينةالمنورة. والابن الذي لا يستطيع منع والده أو والدته من تعنيفه بالقوة يمارس تجبراً مع إخوته الصغار من أولاد وبنات وهكذا. * مثل هذه الحالات لا بد وان تدق نواقيس -وليس ناقوساً واحداً- الخطر في كل العقليات المجتمعية الرزينة هنا في بلادنا لوضع ما يمكن ان يساهم مستقبلاً في التخفيف من حدة العنف المجتمعي وبما يمنع أي انعكاسات مدمرة على الذوات قد تؤدي - والعياذ بالله - إلى مجتمع مشوه وغير سوي. [email protected] فاكس 6718388 – جدة