شدّ انتباهي ما تطالعنا به الصحف اليومية من أحوال يندى لها الجبين وتحزن عليها القلوب وتدمع منها العيون إنها أحوال الفقر والحاجة التي تلازم الكثير من أبناء هذه البلاد التي أفاء الله عليها خيرا كثيرا والذي يقرأ هذه المقدمة يدرك ما أقصده ولا أذيع سرًا حينما أقول: إن قصدي المقارنة بين ما نشاهده من البذخ الزائد وبين من جعلهم الفقر طريحي الفراش محتاجين الى مدّ يد العون لتأمين المبالغ التي تساعدهم على قتل المعاناة ولعلي أستعين بالله وأقول أين نحن وما دورنا وماهو واجبنا كمجتمع مسلم ثم أين القادرون والاغنياء وأهل الخير، أين اجهزتنا ومؤسساتنا عن هذه المآسي وهل من العدل أن تتكالب على الفقراء المصائب ونحن صامتون ومتى نتوقف لنراجع ضمائرنا نراجع انسانيتنا ونقدم لكل أسرة محتاجة ما يكفيها في الوقت الذي نجد المحتاجين للمساعدات النقدية والعينية والطبية. نعم نحن بانتظار تفعيل صفات التكافل الاجتماعي ونبذ المنافسات الكروية والحفلات التي تهدر فيها الأموال ، نعم لو قدم جزء منها للمحتاجين فهذا حسن وطيب وحينما أقول هذا لا يعني أننا ضد من يدفع للأندية الرياضية وتشجيع الشباب ، نحن ضد المبالغة ولسنا ضد الرياضة بل نؤمن برسالتها ولكن بضوابط الشرع المبنية على التوازن (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما). هذا التحذير الإلهي عن الانفاق ، فكيف اذا كان رياء وسمعة. نعم التكافل من ثمرات الشرع لأن تعارف المسلمين فيما بينهم وعلاج مشاكلهم وتقديم الاحسان لمن يستحقه سواء عن طريق تفريج الكرب او التيسير على معسر هو تحقيق التكافل في أبهى صوره بين المجتمع المسلم الذي يشدّ بعضه بعضا ويتمثل فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) او كما قال عليه الصلاة والسلام وعندئذ يكون الاحساس بالعرفان للجميل وشكر المعروف وصفاء القلوب والنفوس والترابط الإنساني البعيد عن التطاحن الاجتماعي الذي تعاني منه البشرية اليوم، فالمجتمع الإسلامي مجتمع حيوي ينطوي تحت لوائه الأسود والأبيض والفقير والغني والذكر والأنثى والعربي والعجمي والفقر ليس من الصفات الدائمة بل يزول طالما ان التكافل موجود ولكن عندما يركد المجتمع وتندثر حيويته وينسى رسالته تشيع أمراض التفكك والأنانية وتحقيقا للأمانة نستطيع ان نقول: إن هناك الكثير من اغنياء بلدي لهم جهود جبّارة هاجسهم الوحيد تفريج الكرب بعد الله مصداقا لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ( الخير في أمتي حتى تقوم القيامة) او كما قال عليه الصلاة والسلام وينطبق ايضا على الزملاء الصحفيين الميدانيين الذين هم بمثابة الصلة بين المحتاجين والمجتمع والميسورين وأهل الخير وهم بمثابة النقلة الميدانية التي تصل للمجتمع لفرض التفاعل مع الأخذ والعطاء بين كل الأطراف. فريح شاهر الرفاعي - المدينة المنورة