قال تقرير أمس إنه إذا تسبب استفتاء يجرى على استقلال جنوب السودان في يناير باشتعال حرب أهلية مع الشمال مجددا فإن التكلفة سواء محليا أو في المنطقة ككل يمكن أن تتجاوز 100 مليار دولار. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يختار الجنوب الاستقلال في الاستفتاء الذي يجرى في التاسع من يناير بموجب اتفاق للسلام أبرم عام 2005 وأنهى حربا أهلية دامت لأكثر من 20 عاما وسقط فيها مليونا قتيل وفي الوقت ذاته يرغب الشمال في الاحتفاظ بالمنطقة الجنوبية الغنية بالنفط. ومع اقتراب موعد الاستفتاء شدد كل طرف من التصريحات تجاه الطرف الآخر ويحذر محللون من احتمال العودة للقتال. وذكر التقرير الذي أعدته مجموعة من الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين والأفارقة أن تكلفة تجدد الحرب الأهلية تتعدى 100 مليار دولار وقال إن التداعيات الاقتصادية ربما تتجاوز حدود السودان ذاته. وجاء في التقرير الذي نشرته مؤسسة فرونتير إيكونوميكس للاستشارات "التكلفة الإجمالية ستكون هائلة على وجه الخصوص بالنسبة للدول المجاورة للسودان وتصل إلى 34 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي على مدى عشر سنوات"، وأضاف "ربما تفقد كينيا واثيوبيا أكثر من مليار دولار سنويا." وقال رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي هذا الأسبوع إن أي عودة للحرب الأهلية في السودان مسألة "مروعة بدرجة لا يمكن توقعها"، وذكر التقرير أن المنطقة ستبدو مكانا خطرا للاستثمار كما سيتراجع طلب السودان على الواردات وستتعرض الموارد في الدول المجاورة للضغط نتيجة تدفق اللاجئين في الوقت الذي ستوجه فيه تلك الدول أموالا إضافية لجيوشها. ويقدر هذا التقرير تكلفة الأعمال الإنسانية وقوات حفظ السلام المفترض أن يوفرها المجتمع الدولي بما يصل إلى 30 مليار دولار إلى جانب خسارة السودان نحو 50 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي من خلال العودة للحرب. وتتصاعد التوترات بامتداد المنطقة الحدودية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. واتهم جيش الجنوب قوات الشمال الأربعاء بشن ضربات جوية على إحدى قواعده مما أسفر عن إصابة جنود ومدنيين فيما أسماه محاولة "لاستدراج السودان إلى الحرب"، وإذا تأكد هذا الهجوم فستكون ثاني غارة جوية على أراضي جنوب السودان هذا الشهر. ونفى جيش شمال السودان امس الهجوم واتهم سلطات الجنوب بإيواء متمردين من منطقة دارفور التي تشهد صراعا آخر. ويقول محللون إن الأثر الاقتصادي المحتمل ما زال أكبر رادع للحرب ويعتمد اقتصاد الجانبين على إيرادات نفط الجنوب الذي لا يطل على أي سواحل والذي يمثل الشمال القناة الوحيدة لصادراته. وقال زاك فرتين وهو محلل من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "النفط هو أكبر مثبط لديهما. يدرك الجانبان حقيقة أن اقتصادهما يعتمد على النفط وأن الحرب ستمنع الاستفادة منه"، وأضاف أن دور الشمال في تصدير نفط الجنوب -نظرا لوجود المصافي والموانيء في الشمال- ما زال أكبر ورقة تفاوضية له في عملية الاستفتاء وفي أي مفاوضات تجرى لاحقا. وقال التقرير إنه إذا توقف إنتاج النفط لدى اندلاع حرب فسيفقد السودان على الفور ما بين 10 و20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بما يعادل ما بين 6.5 مليار و13 مليار دولار عام 2011، وانتهت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب باتفاق سلام في 2005 يقضي بتقاسم الثروات والسلطة وينص على إجراء استفتاء على استقلال الجنوب.