توقفتُ وبتأثر عند حلقة برنامج علامات في قناة -فور شباب 4shabab- التي استضافت الداعية الإسلامي د. عبدالحميد البلالي رئيس جمعية بشائر الخير الكويتية التي تعتني بمعالجة حالات الإدمان وتأهيلها النفسي والاجتماعي، وأضحى لها في الكويت حضور كبير، ومنتج وتعاون شامل مع قطاعات صحية وخدمية اجتماعية كبيرة. الحلقة عرضت لإحدى حالات المعالجة التي بقدر ما تعتصر قلبك من ألم التجربة، فهي تفرحك دمعًا لعودة التائب للحياة. نعم إنّها الحياة مع نفسه، ومع أهله، ومع أطفاله الذين نعوه حيًّا، فعاد إليهم من جديد بعد قرار التوبة وسلامته من جديد. التقيت قديمًا بالدكتور عبدالحميد البلالي في الكويت، وهو رجل تربوي متمرس في فن وسائط التوجيه الإسلامي في أساسيات العلاقة الإيمانية الروحية بالله عز وجل، والإيمانيات الكلية. له كتب مشهورة في هذا الطريق كمجموعة واحات الإيمان وغيرها، وقد صاغها في أسلوب جميل لرقائق الإيمان، وقد كانت هذه المجموعة في صدارة كتب التربية الدعوية، لتوجه للمجتمع الإسلامي العام والأسرة الإسلامية الكبرى كما هي أسرة كل وطن مسلم من أقطار العالم الإسلامي. وقبل سنوات شرع الشيخ البلالي في تحويل نشاطه الإيماني الدعوي إلى برنامج عام تطوعي في هذا المسار المؤلم والخطير.. إنها حرب المخدرات.. التي لا تهدأ وهي تفتك بالعالم وتستهدف الوطن العربي وخاصة دول الخليج العربي للمدخول المادي ولأسبابٍ أخرى توجهها أطراف دولية، وأضحت ضحايا حرب المخدرات في ازدياد كمًّا ونوعًا تُسقط البيوت من الداخل ويترتب عليها كوارث ومآسٍ اجتماعية وأخلاقية يشيب لها الولدان، وقد نجحت مبادرة الشيخ البلالي في اختراق خطوط هذه الحرب، وإنقاذ عدد كبير من الرهائن الذين عرض الشيخ في البرنامج لنجاحات كبيرة تحققت لعودتهم للحياة، من خلال جمعية بشائر الخير الكويتية وحملة التعاون الرسمي والأهلي معها في السجون، وفي المشافي والمؤسسات الاجتماعية، وخاصة من خلال استمرار التأهيل الاجتماعي، والنفسي للمدمن التائب الذي يحتاج إلى تعزيز قراره الإيماني ومساندته حتى الخلوص من بقايا هذه الحرب في جسده، والذي اتضح أن العامل النفسي هو الأبرز لدائرة الضغط على المدمن قبل أي أمر آخر . وكثيرًا ما تحدث الإعلام عن الإحصائيات الكارثية لهذه الحرب وعن تنوع اختراقها للمجتمع وضحاياه المتزايدين، لكننا هنا بحاجة إلى تكثيف هذه التجربة الناجحة والمبادرة الخيرة للشيخ البلالي بنقل جزء من اهتمامات البرنامج الدعوي في الخليج إلى عمل تطوعي مؤسّس ونؤكد على أن يكون مؤسس ومدروس لان هذا المضمار لا يمكن أن يدخل بالنية الحسنة فقط، بل بالإعداد واستنساخ تجربة بشائر الخير في دول الخليج ومن المؤكد أنّ هناك جهودًا لشخصيات مدنية إسلامية واجتماعية ومؤسسات أخرى في الخليج العربي تعتني بمدمني المخدرات والعمل على تأهيلهم لا تحضرنا أسماؤهم لكنني أتمنى أن تتكثّف الجهود على مستوى الخليج العربي لخلق صناعة منظمة من هذه الثقافة التطوعية والجهد لتتحول إلى قاعدة عمل تُدعم من مجلس وزراء الصحة الخليجيين، ونظرائهم وزراء الشؤون الاجتماعية لنشر هذه المؤسسات وتعزيز وجودها الضروري لمعالجة الإدمان وما شابهه كمًّا وكيفًا.. إنّها الحرب.. الهزيمة فيها انتصار لكل الحروب علينا والمشاركة المدنية فيها هي جزء مهم ودعم وإسناد للشهداء من جنود وضباط مكافحة المخدرات في المملكة ودول الخليج العربي قدموا أرواحهم في سبيل الله وفي سبيل نجاة أطفالنا وأبنائنا وبناتنا من الوقوع في اسر الكارثة.. هنا أقف إجلالاً لأصلي لشهدائنا الأبرار من العسكريين البواسل ولزملائهم الذين لم يزالوا يحملون الراية في ميادينهم وأبارك جهود الكفاح المدني لإسنادهم الذي يقوم به الشيخ البلالي وأمثاله.. والتفت التفاتة بألم وأمل لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا المدمنين والمدمنات.. نحن بحاجة لكم فمتى تتحولون من مخزن ذخيرة العدو إلى مخزن ذخيرة الوطن.. في انتظار قراركم.. وقراركن.