أشارت الكاتبة أمل القثامي إلى أن حضور مكة في النص القصصي السعودي كان بارزًا بصورة واضحة عند القاصين المكيين من خلال الجيل الأول مثل: أحمد السباعي، ومحمد علي مغربي، ولقمان ياسين، وفؤاد عنقاوي، والجيل الجديد مثل: محمود تراوري، وعبدالله التعزي، ورجاء عالم، وكوثر قاضي، مشيرة إلى أن الجيل الأول طغى على سرده الوصف المباشر والدقيق لأجواء مكة والمكان وإظهار أبعاد ثقافتهم كما هي، أما الجيل الجديد فقد مال للاقتضاب في وصف المكان من أجل هوية الحدث لذا كان الاهتمام ببناءات القصة الفنية وأبعاد تشكيلاتها السردية ذا عمق فني وبعد ذهني غير خاضع للمباشرة والواقعية في الوصف كما هو الحال في الجيل الأول، مبينة أنها اعتمدت على استقراء فضاءات مكة الإنسانية والاجتماعية والدينية والتاريخية في النصوص والقصصية دون البحث في فنيات القصص، حيث تحدثت عن المجتمع المكي وعن الحواري المكية من خلال قصص محمود تراوري “عتبات حجازية” أو نصوص التعزي “بيوت أراها تبتعد”. جاء ذلك في المحاضرة التي قدمتها القثامي تحت عنوان “تجليات مكةالمكرمة في القصة السعودية القصيرة” مؤخرًا، عرضت من خلالها نماذج من القصة القصيرة السعودية وأبعاد مكة فيها بين القدسية والاعتيادية، متناولة النسق الثقافي في المكان المتحول بفعل ثقافة أفراده ونسقية الحياة التي يمارسونها لمكان عاكس لثقافتهم فيطبع بهذا الطابع. وقد شهدت الأمسية العديد من المداخلات؛ حيث تناول المهندس حسني جبر إشكالية التقديس والاعتيادية، مشيرًا إلى أنه لا يحق لأحد تقديس مكان حتى مكة أو المدينة لأن التقديس لله فقط، مما دفع بالمحاضرة إلى القول بأن النسق الديني لا يتجه نحو قدسية المكان، فيما أشار الكاتب محمد اللويش إلى أن المكان المغلق أو المفتوح له أثر واضح على السرد القصصي وفنيات السرد القصصي لتعقب أمل على ذلك بأنها ركزت على البعد الثقافي فقط ولم تركز على الفنيات السردية، بينما أشارت تركية الأشقر إلى أن قدسية مكة ضعفت في الوقت الحالي نتيجة اندماج الجنسيات المختلفة داخلها، وهو ما أكدته القثامي بالإشارة إلى أن تجمع كثير من الأجناس أثر على واقع مكة وعلى قدسيتها، لتختتم المداخلات بالدكتورة دعد ناصر التي أشارت إلى أن الحضور الواقعي شكل مادة أساسية ورابطة في القداسة.