سأصب دلوًا من أوجاعي هنا بعد فقدنا معالي الشيخ محمد عبده يماني (عليه رحمة الله). هذا الرجل الوفي لدينه، العظيم في خلقه، المخلص لوطنه، العطوف على الفقراء والمساكين، وقاضي ديون المحتاجين..كان آخر لقاء لي معه منذ ما يقارب عشرين يومًا قبل وفاته بمكتبه ببرج دلة، طلبت منه أن يكتب مقدمة أو مقالا له ننشره بالعدد الذي نعتزم نشره تحت عنوان (البناؤون، إعجاز وإنجاز) تبسَّم وقال أبشر ولم يمر أكثر من عشرة أيام حتى وصل مقاله الذي يقول فيه: وطن.. وملك.. ورجل الحمد لله أن أصبح لنا يوم نحتفي ونحتفل فيه بالوطن وبمؤسس هذا الوطن وبالنعم التي أكرمنا الله بها في هذا الوطن.. ولا شك أن من حق أجيالنا علينا أن يعرفوا تاريخ هذا الوطن الذي يعيشون فيه وتاريخ الرجال الذين ساهموا في بناء هذا الوطن وعندما نحتفي باليوم الوطني نذكر عبدالعزيز الملك الشجاع الإنسان الذي استطاع أن يجمع شتات هذه البلاد ويوحدها في وطن واحد وأمة واحدة وكيان واحد بعد شتات وتفرق وعصبيات فأخذت تنعم بكل هذا الخير الذي نعيشه اليوم. ولا شك أن الملك عبدالعزيز أراد له الله أن يتولى جمع شمل هذه الأمة فكان شجاعًا أمينًا جمع كلمة الأمة ووحد صفوفها ودمجها في مملكة واحدة وأكرمنا جميعًا بكل تلك الخيرات التي أفاءها الله علينا. والملك عبدالعزيز كان يحرص على مشاركة الأمة العربية والإسلامية في شؤونها وحاجاتها فكان سخيًا كريمًا يحرص في الداخل على قضايا الناس ويسأل عن أحوالهم ويستمع إليهم ثم يصرح بكلمة صريحة يعلنها على الناس (إن صاحب الجلالة الملك يعلن للناس كافة، أن من كانت له ظلامة على كائن من كان موظفًا أو غيره، كبيرًا أو صغيرًا، ثم يخفي ظلامته، فإنما إثمه على نفسه، وإن من كانت له شكاية، فقد وضع على باب دار الحكمة صندوق للشكايات مفتاحه لدى جلالة الملك، فليضع صاحب الشكاية شكايته في ذلك الصندوق وليثق الجميع أنه لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان....) وأضاف قائلاً (رحم الله الملك عبدالعزيز وتغمده بواسع رحمته، وخلفنا خيرًا في هذا الملك الإنسان الذي يقود البلاد اليوم على خطى والده، وعلى أساس من كتاب الله وسنة رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يحيط به إخوانه ورجاله بل كل الوطن الذي يعتز بهذه المسيرة ويقف في اليوم الوطني ليسترجع هذا التاريخ ويحمد الله على ما تم ويسأله التوفيق واللطف فيما سيأتي.. ولاشك أنه استطاع أن يجعل لبلادنا مكانة عربية وعالمية عندما تصرف بشجاعة وحكمة وغيرة وموضوعية وقال كلمات شهد بها القريب والبعيد، والصديق بل حتى العدو، وقالوا: عبدالله بن عبدالعزيز رجل يتحرك بهمة في الشرق الأوسط، ويبذل ما يستطيع من أجل تضميد جراح الناس في أنحاء العالم، الذي حلت به الكوارث. إنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فتحية له من الوطن وأبناء الوطن، بل كل من في الوطن، وشكرًا لولي العهد وللنائب الثاني ولحكومة المملكة العربية السعودية على هذه المواقف التي ترفع الرأس يوم الوطن.....) * فاللهم ارحم د. محمد عبده يماني بواسع رحمتك يا أرحم الراحمين.. إنا لله وإنا إليه راجعون.