لعل تأكيد وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن محكمة الأممالمتحدة الخاصة بلبنان التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، “تتخطى التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري؛ لأنها توفر للبنان الفرصة لتخطي تاريخه الطويل من العنف السياسي”، هو تصريح يجب الوقوف عنده. فحقيقة أن الاغتيال السياسي في لبنان لم يجد مواجهة حقيقية من الدولة وأطرافها المختلفة أمر لا يمكن إنكاره، وهناك العديد من قضايا الاغتيال السياسي في لبنان لم تحل أو لم ينظر فيها القضاء من الأساس. ولعل محكمة اغتيال رفيق الحريري تكون فرصة للبنان للخروج من هذه الدوامة التي سرقت كثيرا من الأرواح والقادة وبقي المتهم فيها مجهولا دائما، بل لعلها تكون فرصة ليخرج لبنان نهائيا من هذه الدوامة التي تجعل السلاح حاضرا دائما في السياسة. والسيئ أننا نرى في لبنان حاليا لإخراج السلاح من المقاومة إلى السياسة، ثم إلى القضاء حيث يصبح سلاح هذا الفريق أو ذاك سيفا مصلتا على رقبة العدالة يهدد بقطعها إن حاولت الاقتراب من الحقائق أو كشف من يقف وراء جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الأهم أن وزيرة الخارجية الأمريكية قالت بوضوح أن المحكمة لن تتوقف، بينما نرى تهديدا في لبنان حال استمرارها، والمشكلة أن التهديد موجه للداخل اللبناني بينما المحكمة في واقع الأمر دولية ولا تخضع لرغبات أو أهواء هذا الطرف أو ذاك. على اللبنانيين اتخاذ قرار شجاع بإخراج السلاح وللأبد من المعادلة السياسية في البلاد، كما عليهم أن يقرروا بوضوح دعم المحكمة لوقف سلسلة الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان منذ استقلاله وحتى الآن، فهذا هو الطريق الوحيد للحفاظ على البلاد واستقرارها. وللمشككين في المحكمة وعدالتها العديد من القنوات القانونية والسياسية التي يمكن اعتمادها لرفع أي ظلم أو اتهام خاطئ قد يصدر بحق أي أحد، دون أن يقوموا برفع السلاح في وجه إخوانهم وشركائهم في الوطن.