السعودية تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءاتٍ فعّالة للقضاء على الجوع وتلبية الطلب المتزايد على الغذاء حول العالم    دوري روشن: ثنائية حمدالله تقود الشباب لكسب مواجهة الخلود    شرطة النماص تباشر «إطلاق نار» على مواطن نتج عنه وفاته    أستراليا تعتزم حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم تحت سن 16 عاما    «السوق المالية»: إدانة 3 بمخالفة نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية ونظام الشركات وتغريمهم 3.95 مليون ريال وسجن أحدهم    وكيل أعمال سعود عبدالحميد يكشف حقيقة عودة موكله إلى «دوري روشن»    الاتفاق يختتم تحضيرات الهلال    الأولمبياد الخاص السعودي يستعد لاستضافة المجلس الإقليمي للاعبين القادة في جدة    وزير الداخلية يستقبل سفير فرنسا لدى المملكة    سقوط 46 قتيلا.. مجازر إسرائيل مستمرة في قطاع غزة    «سلمان للإغاثة» يوزع 1.490 من السلال الغذائية والحقائب الصحية في محافظة إدلب    انطلاق أعمال مؤتمر النقد السينمائي الدولي في الرياض    إنطلاق أعمال المؤتمر العالمي لطب الأعصاب بمشاركة اكثر من 350 مختصاً    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    جامعة الفيصل توقّع عقد إنشاء مبانٍ لكليتي الهندسة والقانون بقيمة 325 مليون ريال    "سلمان للإغاثة" يوزع 2.459 كرتون تمر في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    البنك الأهلي السعودي يطلق محفظة تمويلية بقيمة 3 مليارات ريال خلال بيبان24    القبض على يمني لتهريبه (170) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    حاكم الشارقة يفتتح الدورة ال 43 من معرض الشارقةالدولي للكتاب    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    الأمير محمد بن عبدالعزيز يدشّن فعاليات مهرجان شتاء جازان 2025    بانسجام عالمي.. السعودية ملتقىً حيويًا لكل المقيمين فيها    "ماونتن ڤيو " المصرية تدخل السوق العقاري السعودي بالشراكة مع "مايا العقارية ".. وتستعد لإطلاق أول مشاريعها في الرياض    رحيل نيمار أزمة في الهلال    إيلون ماسك يحصل على "مفتاح البيت الأبيض" كيف سيستفيد من نفوذه؟    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    المريد ماذا يريد؟    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الدراما والواقع    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    التعاطي مع الواقع    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وتكرر الفقد الكبير!!
نشر في المدينة يوم 13 - 11 - 2010

تداعت علي مشاهد ومشاعر وفاة والدي يرحمه الله، التي مضى عليها عشرون عامًَا بالتمام والكمال، وتجدّد الشعور بالفقد الكبير بوفاة الشيخ الكبير، صاحب الوجه الوضاء، والنفس الطيبة، البشوش دائمًَا، الساعي في قضاء حوائج الناس أبدًَا، معالي (الوالد) الدكتور محمد عبده يماني يرحمه الله رحمة الأبرار، وجعله في صحبة الأنبياء و الأخيار.
فقد غصت جنة المعلاة في مكة المكرمة بالمشيعين، وامتلأ سرادق العزاء في جدة بالمعزين، في مشاهد تصدق عليها أبيات للشاعر الكبير اللواء علي زين العابدين يرحمه الله هي مطلع قصيدته (أحبك كل ذي خلق كريم) التي فاضت بها مشاعره عندما فاضت روح الوالد يرحمه الله إلى بارئها في ذي القعدة 1411ه:
رأيت الناس تزدحم ازدحامًا ** كموج البحر يلتطم التطاما
جموع زاحفات تلو أخرى ** تسابق بعضها بعضًا ضماما
حشود تملأ الآفاق زحفًا ** كأن الموت ألهبها احتداما
قلوب واجفات هالعات ** تلجلج في الصدور أسى عراما
ولم لا؟! والحبيب غدا صريعًَا ** فصالح كان رحمى للأيامى
معالي الدكتور محمد عبده يماني يرحمه الله من القلة الذين آتاهم الله جاهًَا فسخروه لخدمة الناس وقضاء حوائجهم، كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، ذكرهم وأنثاهم، عربيهم وأعجميهم. لا يرد أحدًَا، ولا يتردد في طرق باب أي أحد. فُتحت له جميع الأبواب، واستمع لشفاعته الكبار والصغار. وقد أثنى عليه سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز سدده الله، وشهد له شهادة حق بأنه لا يأتيه إلاّ بالصواب، وهي شهادة ممن يُعتد ويُعتز بشهادته، حيث قال سموه أثناء تعزيته لذوي المرحوم: “لم نكن نرد محمد يماني في أي طلب يتقدم به إلينا، كونه عزيزًا علينا، ولا يأتينا إلاّ بالصواب”.
واجه رحمه الله في سعيه بعض العنت والصد، حتى ممن كان لا يتوقع أن يرد شفاعته. ففي مرة طلب أحدهم شفاعته في موضوع ما، فعندما ذكر له اسم الشخص الذي يريد أن يشفع له عنده قال رحمه الله بالتعبير المكاوي: (كيف !! هذا ولدنا)، في ثقة بأنه لن يرد شفاعته، بأن الأمر في حكم المنتهي. ولكن للأسف (ولدنا) لم يجب طلبه، وتحجج بحجة خالفها فيما بعد.
وبرغم ذلك لم تثنه مواقف العنت والصد التي واجهها عن مواصلة سعيه في قضاء حوائج الناس، ومراجعة المسؤولين إلى آخر لحظة في حياته. حيث قضى وهو يسعى في خدمة القرآن الكريم وأهله، -رحمه الله رحمة الأبرار وألبسه في الجنة تاج الوقار-، وقد اطلعت على سعي له لدى ولاة الأمر في تفريج كربات عدد من الناس، قُدّم في يوم وفاته، وإني لأرجو أن يُجاب طلبه ويكلل سعيه بالقبول العاجل.
قال لي الأستاذ قينان الغامدي الكاتب المعروف الذي كنت بجانبه في سرادق العزاء: يظهر لي أنه لا يوجد بيت في مكة إلاّ وللشيخ محمد عبده يماني فيه مأثرة وذكر طيب. فقلت له هذا كلام دقيق وصحيح إلى حد كبير (انتهى). فإن لم يكن ذلك خاصًَا فإنه في عموم سعيه من أجل مكة وأهلها الكرام. ولا أنسى تعبيرات وجهه وكلماته التي تعبر عن عظم مكانة أهل مكة في نفسه وهو يراجع مع مجموعة من أعيان مكة سمو الأمير خالد الفيصل في قرار أن لا حج بلا تصريح، وأنه يجب ألا يشمل أهل مكة، فهم أهل الله وجيران بيته وهم يقومون على خدمة ضيوفه في كل حين، فوعد الأمير بترتيبات خاصة بهم. وأعرف سعيه ودعمه المستمر لجمعية البر في مكة المكرمة من أجل عموم فقراء مكة، والاتصال بأهل البر والإحسان وحثهم على التبرع للجمعية ومتابعة ذلك بدأب، واتصالاته الدائمة برئيس الجمعية وبعض أعضاء مجلس إدارتها وجمعيتها العمومية لمتابعة ما يصل الجمعية من تبرعات.
معالي الدكتور محمد عبده يماني يفزع إليه كل أحد، سواء لأمر خاص أو لأمر عام، وأما فزعاته للأمور الخاصة بالأشخاص فهي لا تحصى، ومنها المعلوم وأكثرها يتم في الخفاء، وقد شملني ببعضها، وطوق عنقي بجميل فعله ما حييت، رحمه الله وجزاه عني خير الجزاء. وأما الأمور العامة، وأخص هنا مكة التي يشعر يرحمه الله بمسؤولية تجاهها، فهذه تجدها في سعي المكيين إليه، وفي مبادراته إلى تبني القضايا التي تشغلهم، وإيصال صوتهم إلى ولاة الأمر.
المرحوم صاحب فضل -بعد الله- على كثير من الناس، ولكنه لا يمن بذلك على أحد، وأذكر أنه قبل خمسة عشر عامًَا سعى في أمر يخصني، وعندما قُضي الأمر ذهبت وإخوتي للسلام عليه وشكره، وكنت أتوقع أن يعاتبني أو ينبهني تنبيه الوالد لولده، ولكنه لم يفعل، وقابلني وإخوتي بخلق الكبار، ومروءة الأخيار، الذين لا يتبعون صدقاتهم بالمن والأذى، فهو رجل في زمن قل فيه الرجال.
بشاشة المرحوم وسماحته وطرفته الحاضرة، تُنبيء عن نفس كبيرة لا تحمل حقدًَا ولا كرهًَا لأحد، برغم أنها تحمل همّ كل أحد، وهذه من صفات من اختصهم الله عز وجل بقضاء حوائج الناس، فحببهم في الخير وحبب الخير إليهم، وهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة. وأسأل الله أن يكون المرحوم منهم.
بقي أن أعزي حرمه وأولاده ونفسي وكل محبيه، وأسأل الله أن يلهمنا جميعًا الصبر والسلوان على فراقه، الذي نحن بسببه محزونون، وأن يخفف عنا المصاب، والشعور بالفقد، الذي ستجدده عوارض الأيام والسنون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فاكس: 5422611-02
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.