هناك أطراف متعددة تهتم بقضايا الحج والحجاج بهدف تطوير الخدمة المقدمة إلى ضيوف بيت الله الحرام. هذا الاهتمام من كل هذه الجهات هو ميزة إلا أنه في نفس الوقت عائق أساسي لتطوير خدمة الحجاج لأن إرضاء جميع الأطراف غاية لم ولا ولن تدرك نظرًا لتعارض المصالح، وفيما يلي شرح لذلك: 1- الإعلام السعودي إن الإعلام السعودي المرئي والمقروء والمسموع عندما يناقش قضايا الحج والحجاج يبرز أهم الإسهامات الإيجابية التي قدمتها الحكومة لضيوف الرحمن وهذه حقيقة والشواهد عليها كثيرة جدًا لعل أبرزها جسر الجمرات في مشعر منى، ولكن ما يؤخذ على بعض الإعلاميين سعيه إلى إلصاق كثير من السلبيات التي يواجهها ويعاني منها ضيوف الرحمن بالمؤسسات الأهلية هذا بالإضافة إلى حرص البعض الآخر من الإعلاميين على إظهار بعض المشكلات الداخلية في كل مؤسسة أهلية مثل حرمان المطوفة من ممارسة مهنة الطوافة دون أن يقترح حلولًا لتلك المشكلات. هذا الطرح الإعلامي يرضي تمامًا الإعلام السعودي لأنه يعتقد أنه يطرح حقائق إلا أنه وفي نفس الوقت لا يرضي المؤسسات الأهلية التي تعتقد أن الإعلام ينسب النجاح إلى الجهات الحكومية فقط لينال رضاها ويلصق المشكلات والفشل إن وجد بالمؤسسات الأهلية الطرف الأضعف. 2 - الجهات الحكومية إن الجهات الحكومية المهتمة بشؤون الحج تعتقد أنها قادرة على تطوير الخدمة المقدمة للحجاج لذلك تجدها تفرض على المؤسسات الأهلية بشكل متزايد سنويًا إجراءات وخدمات مكلفة ماليًا ومع ذلك تصر على تثبيت الرسوم التي تتحصل عليها المؤسسات الأهلية من الحجاج بل ويطالب بعضها بتخفيض تلك الرسوم حفاظًا على سمعة المملكة أمام ضيوف بيت الله الحرام. ليس ذلك فحسب بل في حالة خلو الحج من الحرائق والأوبئة وفي حالة انسيابية الحركة المرورية واكتمال نفرة الحجيج من عرفة قبل منتصف الليل تجد تلك الأجهزة الحكومية تتسابق أمام الإعلام في نسب ذلك النجاح إليها متناسية تمامًا دور المؤسسات الأهلية في ذلك النجاح. إن هذا النجاح الذي تنسبه الجهات الحكومية إلى نفسها فقط هدد وما زال يهدد المؤسسات الأهلية بالإفلاس بسبب تزايد الأعباء المالية الناتجة عن تكلفة الخدمات المتزايدة التي أصبح من الواجب عليها تقديمها بموجب قرارات الجهات الحكومية المتعددة، بل لولا الخدمات الإضافية التي سمحت بها وزارة الحج مؤخرًا لتلك المؤسسات بتقديمها لأفلست وأقفلت أبوابها حيث إن الرسوم التي تتقاضاها المؤسسات الأهلية ثابتة لم تتغير منذ عقود على الرغم من التضخم الذي شهدته وتشهده المملكة العربية السعودية. 3 - المؤسسات الأهلية هذه المؤسسات تعاني من قسوة الجهات الحكومية عليها وابتعاد كثير من منسوبيها من مطوفين ووكلاء وزمامة وأدلاء سنويًا بشكل متزايد لا سيما أنهم يعملون لشهرين متواصلين نصفها تقريبًا لمدة 12 ساعة يوميًا على الأقل. إن انخفاض العائد أمام كل تلك الالتزامات والواجبات والإجراءات تسبب في ابتعاد الكثير من المفكرين و المبدعين و المتخصصين من منسوبي تلك المؤسسات. زد على ذلك أن ثبات وتثبيت مجالس إدارات تلك المؤسسات لفترات زمنية طويلة جدًا تجاوز بعض أفرادها عشرات السنين أدى بالضرورة إلى تركيز مجالس الإدارات الحالية على تنفيذ المطلوب منهم تفاديا للانتقادات الحكومية والإعلامية مما نتج عنه تحجيم الإبداع والابتكار والتطوير في العمل الذي حتى وإن وجد فسيتطلب الحصول على موافقة الكثير من الجهات الحكومية ذات الأهداف المتعارضة فيما بينها. في اعتقادي أن تطوير خدمة حجاج بيت الله الحرام يستلزم بالضرورة توحيد الجهود والمرجع. لذا قد يكون من الملائم تشكيل فريق عمل يتضمن ممثلًا عن كل الأطراف يهدف إلى وضع تصور متطور لخدمة ضيوف الرحمن على أن يعتمد ذلك التصور من المرجع الأوحد. إن تطوير خدمة حجاج بيت الله الحرام يستلزم بالضرورة أيضًا توفير بيئة العمل الملائمة بما قد يشجع على عودة الهاجرين أو الزاهدين الذين قد يسهمون في ضخ أفكار حديثة إلى هذا المجال الحيوي والمهم للحكومة السعودية والاقتصاد السعودي. إن التطوير يستلزم أيضا تشجيع المؤسسات الأهلية ومنسوبيها مع الإيمان الكامل بأنها شريك استراتيجي في نجاح الحج وخدمة الحجاج.