_ ماذا تقرئين..؟!! انطلق هذا السؤال من ساخر بابتسامته المعهودة الساخرة في حين نظرت إليه قائلة: إنني أطالع كتاب اللغة العربية الجديد... “لغتي الخالدة” ابتسم بمرارة وهو يأخذ الكتاب من بين يدي: _ أهذه ما يسمونها الكتب المطورة...؟!!! نظرت إليه وقلت: _ نعم هكذا يسمونها...!!! هل لديك اقتراح آخر... قال بتهكم واضح: _ يا للأسف... إذا كان هذا هو التطوير فهذه مشكلة... بادلته الابتسامة الساخرة وقلت له: _ وما أدراك عن التطوير... وهل تفهم شيئًا في هذه المسائل...؟!! ابتسم وهو يقول بدهشة ممزوجة بحماس: _ مع كلّ هذه التقنية... ومع الشبكة العنكبوتية التي لم تدع لنا مجالا في الثقافة إلا طرقناه... وتقولين تفهم...؟!! ثمّ استطرد قائلا: ثمّ بغض النظر عن كوني أفهم في مثل هذه الأمور فبمجرد النظر إلى هذا الكتاب ومقارنته بكتب اللغة الإنجليزية لذات المرحلة ستكتشفين الفرق الشاسع... إذ ليس هناك مقارنة البتة... من حيث الطرح والمعلومة... فاللغة الانجليزية هي التي أستطيع أن أطلق عليها كتبًا مطورة... بصراحة لم أستطع أن أجادله في هذه النقطة... هذا الشاب الساخر محق فيما يقول ولكني بادرته قائلة: إذن أنت تعتقد أنها ليست مطورة بل هو تغيير...؟!! ابتسم في رضا وهو يقول: بالضبط... هذا ما أردت قوله.. والآن اسمحي لي لدي عمل... ولكن لحظة... أمسك بالقلم وكأنه يكتب شيئًا على الغلاف... ثمّ ناولني الكتاب بابتسامته الساخرة قائلا: أعتقد أنّه هكذا أفضل وأكثر مصداقية...ثمّ انصرف... نظرتُ إلى الكتاب وقد اتسعتْ عيناي في ذهول.. عقدتُ حاجبي في استنكار وغيظ... ولكني ما لبثت أن هدأت... لماذا أنا غاضبة...؟!! إنّ ما كتبه مناسب تمامًا للكتاب... خصوصًا بعد أن عرفت بأنه أصبح تقويمًا مستمرًا دونًا عن سائر المواد...ونحن نعرف ما معنى التقويم المستمرّ... فما الذي بقي من لغتنا...؟!!! ثمّ ما قاله صحيح فهناك فرق واضح بين كتاب اللغة الإنجليزية الذي هو مليء بالمعلومات المترابطة والمتسلسلة، التي لم تختف منها الأسس.. عدا أنّ نظام الاختبارات قائم بالرغم من التطوير المستمرّ للكتاب.... بينما في اللغة العربية...آآآآه ماذا عساي أن أقول.... ؟!! هل أتحدث عن جمع المذكر والمؤنث وجمع التكسير الذي أصبح في درس واحد...؟!!! ربما بحجة التخفيف على الطالب.... فهو يحتاج إلى التخفيف في المعلومة أكثر من الحقيبة..!!! أم أتحدث عن الفقر الشديد الذي يعاني منه الكتاب في المعلومات والمعرفة والتسلسل والترابط...؟!!! فكتاب الطالب مليء بالتدريبات... عدا عن كتاب النشاااط الذي هو كله تدريبات...!!! أين المعلومات..؟!!.لا أعرف... فالطالبة وللأسف أصبحت تأتي من المرحلة الابتدائية لا تعرف الاسم من الفعل... لا تجيد الكتابة بشكل جيّد... فقد أصبحت أفكر بأن ألتحق بدراسة علم الآثار حتى أستطيع أن أفك الطلاسم التي تكتبها بعض الطالبات والتي تدّعي أنها كتابة عربية..!!!! كم هو مؤسف.. بل مخجل أن تكون لغتنا الأم بهذه الحالة... بل نزيد الأمر سوءًا بما نسميه تطويرا والذي هو في حقيقته تدمير للغة.... عدتُ أنظر إلى ما كتبه ذلك الشاب الساخر... فقد قام بكشط كلمة الخالدة... وكتب فوقها “الزائلة”.... ابتسمت بمرارة وحزن وأنا أضع الكتاب جانبًا وفي قلبي ألم وحسرة على ما ستؤول إليه لغتنا مع الأجيال القادمة ما لم نتنبه ونستيقظ من غفلتنا.... حنان سعيد الغامدي