لا أتصور مطلقًا أن أحدًا لا يحب النظام، والشواذ لا حكم لهم، بل تطبيق النظم أمر يحقق الراحة للجميع، ويرقى بالفرد والمجتمع لمراتب عليا، تسمو فيه معاني الإنسانية بعيدًا عن الفوضى والارتجال. ومؤخرًا تم تطبيق نظام مروري في بعض مدن المملكة وأطلق القائمون عليه اسم “ساهر”. وقد سُر البعض به لرجائهم أن يحد من الأخطاء المرورية الفادحة والتي راح ضحيتها العديد من الأرواح. لكن ذلك الأمل يبدو أنه في طريقه إلى الاضمحلال وقد يتلاشى في قابل الأيام؛ ذلك أن المرء يجد أن النظام بات طريقًا لجمع الأموال؛ فقد تم تطبيقه بشكل سريع دون توعية وتنبيه لقائدي المركبات، فقد تسلك اليوم طريقًا حد السرعة فيه 100كم لتفاجأ بتغييرها، والنتيجة بالطبع مخالفات مرورية يصل عددها إلى الآلاف؟! وهنا يظهر تساؤل: إذا كانت المسألة ضبط للسرعة وإجبار السائق على الالتزام بها فكيف يتم تغييرها وبهذا الشكل السريع من دون توعية؟! وثمة تعجب من اللافتات الموضوعة فهي مع كونها قليلة وبدائية جدًا فهي أحيانًا غير منطقية؛ ولك أن تتصور أنك تسير في طريق يسمح فيه بالسير بسرعة 110كم وإذا أردت العدول عنه للسير في خط الخدمات المجاور فعليك أن تخفضها إلى الأربعين؟! أليس هذا مدعاة للمزيد من الحوادث؟!.. أين المنطق في مثل هذا التحديد العجيب؟! وما آلية التحديد؟! لقد تم تطبيق نظام ساهر بشكل جزئي، فقطع الإشارات وعدم ربط حزام الأمان واستعمال الجوال أثناء القيادة ما زالت بعيدة، وهو ما يؤكد تلك الشكوك، فأسرع طريق لجمع المال من خلال المخالفة المرورية هو ضبط السرعة فهي لا تحتاج إلى أفراد وجهد كبير، خصوصًا إذا نظرنا إلى قيمة المخالفة. وفيما يتعلق بقيمة المخالفة فإن رفعها إلى الحد الأعلى في غضون شهر وإلزام المخالف على الدفع في هذه المدة ليتجنب مضاعفتها أمر يحتاج إلى إعادة نظر. خصوصًا في الظروف الحالية التي يعيشها المواطن؛ فالغلاء يزداد في مقابل دخل ضعيف والبطالة ترتفع نسبتها، ليأتي هذا الإجراء الذي يزيد الأمر سوءًُا؟ والمتابع يجد أن النظام تم تطبيقه بطريقة فيها تحايل عجيب؛ فالكاميرات غير ظاهرة وبعض الآليات المملوكة للشركة توضع في أماكن خفية (كمين) لرصد المخالفين وخصوصًا عند بعض الأماكن التي حددت فيها السرعة كدخول نفق بسرعة معينة والخروج منه بسرعة أخرى، وكل ذلك يتم دون توعية كافية.. فهل هذا منطقي؟! إن من حق قائدي السيارات المطالبة بحقوقهم، ومطالبة الشركة بلافتات إضافية وضوئية حديثة وإظهار الكاميرات، كما هو معمول به في دول العالم، أما إذا بقي الأمر على ما هو عليه فإن ساهر بهذا الوضع هو - قطعًا- نظام جائر. E mail:[email protected]