ملتقى الباحة الثقافي الذي يقيمه النادي الأدبي للعام الرابع على التوالي أصبح يشكل هاجسًا لدى المثقفين داخل المملكة، وما أن تعدى حدود الوطن حتى أصبح محط أنظار المثقفين العرب بعد الحضور الذي رافق الملتقى الثالث. وكان على رأس المشاركين الروائي المشهور سعيد يقطين وهذا العام سنسعد بنخبة من المغرب وتونس ومصر والعراق سيشاركون بأوراق عمل تتمحور حول موضوع الملتقى، الذي نبت من خلال اجتماع رئيس وأعضاء النادي باللجنة الاستشارية التي تضم أعلامًا من أبناء المنطقة في أعرق جامعات المملكة وكان لاختيار الموضوع “تمثيلات الآخر في الرواية العربية” الأثر الذي توّجه الحضور المميز بمشاركة ثلاثين روائيا وناقدا سينثرون إبداعهم خلال يومين عبر ثلاثين ورقة عمل يشهدها حضور أكثر من خمسين مثقفا ومثقفة من أرجاء المملكة لهم ذات الاهتمام بالرواية. ما يميّز الملتقى هذا العام ومن فأله الحسن رعاية سمو أمير المنطقة الأمير مشاري بن سعود الذي أبى إلا أن يكرّم ضيوف وضيفات الملتقى في منزله ليلة الاحتفاء بالمناسبة وهذا يعطي بُعدًا لاهتمام من هو على رأس الهرم الإداري والثقافي والاجتماعي في المنطقة بمعنى أنه يجسّد الحرص على نشاط النادي والدفع به نحو الأمام في ظل اهتمام وتوجهات الوزارة لنشر الثقافة الموجهة المتخصصة ليس في المكان فحسب كشأن داخلي بل بإيصال رسالة النادي خارج الوطن مما سيعرف به وبالمنطقة ومقوماتها الثقافية والسياحية والتعريف بالنخب الثقافية من خلال النادي، الذي يعد مظلة الثقافة والمثقفين وبيتهم المؤسسي الذي يبرز نشاطهم في مجالات الشعر والقصة والرواية وغيرها من الأجناس الأدبية الأخرى. أيضًا ما يميّز ملتقى هذا العام أنه يأتي تتويجًا لجهود مجلس الإدارة الحالي وعلى مفترق طرق بين مجالس التعيين ومجالس الانتخابات التي ستؤسس مرحلة جديدة عبر بوابة الانتخابات التي أقرتها وزارة الثقافة والإعلام من مبدأ تكافؤ الفرص الذي يعد من أولويات العمل المؤسسي في المملكة وسيمهد الطريق لنجاحات مأمولة في الملتقيات القادمة للمجلس الحالي أو للمجالس القادمة في الوقت الذي حققت الملتقيات السابقة نجاحا بلغ الآفاق الثقافية في الداخل والخارج من خلال الإصدار الذي خرج بعد الانتهاء من أعمال كل ملتقى بعد أن جاءت ردود الفعل في الأوساط الثقافية، مشيدة بما تحمل من طرح رصين حول محاور كل ملتقى، مما سيثري الروائيين والنقاد على حد سواء بدراسات جديدة ومفيدة في مجال الرواية العربية. النية من مجلس الإدارة أن نصل بهذا الملتقى للعالمية في قادم الأيام باستضافة روائيين ونقاد من أوروبا وأمريكا وبعض الدول الصديقة وبذلك نكون قد ارتقينا بالملتقى من المحلية للعربية ثم العالمية، وهذا بالتأكيد كان بجهد غير عادي من اللجنة الاستشارية بتعاونها الكبير مع النادي وبتفهم الجميع وسعيهم الدؤوب خلف النجاح لتكون الرواية وملتقاها في نادي الباحة ماركة ثقافية مسجلة لأدبي الباحة يقوده أبناء الباحة بكل اقتدار بالرغم من تخوفات سبقت الملتقيات السابقة من منظور نائية الباحة والبون الشاسع بينها وبين أمهات المدن سواء في كثافة السكان واتساع المكان أو أعداد الروافد الثقافية والتعليمية التي تمد مثل هذه النشاطات النوعية بالمهتمين والمشاركين إلا أن نادي الباحة وشهادتي فيه قد تكون مجروحة بحكم عضويتي إلا أننا ولله الحمد كسرنا حاجز الخوف وأبدلناه أمنا وظلا ثقافيا وارفا يسعى نحوه مثقفون من الداخل والخارج وبأعداد تفوق كل التوقعات. ما يميّز ملتقى هذا العام تكريم ثلاثة ممن أسهموا وأبدعوا في أكثر من شأن وهم: المربي الكبير سعد المليص، والمؤلف المقتدر علي سدران الزهراني ويتوج التكريم ومن جنس الملتقى بتكريم الروائي عبده خال بمناسبة حصوله على البوكر الذي سيغبط محبيهم في الساحة الثقافية ويعطي مؤشرا إيجابيا بأن النادي يتعامل مع أطياف الثقافة وأقطابها دون تمييز بل يرحب بالمبدعين في كل ما يخدم الثقافة والمثقفين، كما يمتد التكريم للداعمين الشيخ حسن بن لبزان الزهراني والشيخ شنان عبدالله الزهراني الذي تبرع بطباعة كتاب الملتقى الرابع إلى جانب الدعم المادي والشيخ سعيد العنقري الزهراني الذين بادروا بإسهاماتهم. الملتقى يأتي وقد دفع النادي بأكثر من عشرة مؤلفات جديدة في مجال التأليف والنشر والعمل على توزيع أكثر من ألفي نسخة من نتاج النادي في مجال طباعة الكتب التي ستوزع عبر المركز الاعلامي بمقر عقد اللقاء بفندق قصر الباحة المجهز لخدمة وسائل الإعلام ويعنى بتسهيل مهمة الإعلاميين ويزودهم بأوراق العمل والبحوث ويتيح الفرصة لوسائل الإعلام لإجراء اللقاءات مع المشاركين وكل من له علاقة بالهم الثقافي وبخاصة مجال الرواية ومن هنا أود أن أعبر عن بالغ شكري للصحافة المحلية وللقنوات التلفزيونية ممثلة في قناة الثقافية والأولى وإذاعة الرياض وإذاعة البرنامج الثاني ومراسلي الصحف واللجان العاملة كل فيما يخصه على الدور الذي يقومون به لإظهار هذه التظاهرة الثقافية على الوجه الذي يوازي أهميتها وبعدها الثقافي في ظل الدعم الذي يلقاه النادي بوجه عام وهذا الملتقى على وجه التحديد من معالي وزير الثقافة والإعلام شخصيا ومعاونيه في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية ومن مدير عام الاندية الأدبية الزميل عبدالله الأفندي في الوقت الذي أرحب باسم مجلس إدارة النادي بالضيوف المشاركين من خارج المملكة وداخله لأتمنى من الله أن يحالفنا التوفيق في تقديم وجبة ثقافية دسمة تضيف إلى رصيد المكتبة العربية ما يدعم التنوع الثقافي الذي يعزز التثاقف بين الشعوب ويرتقي بفكرها نحو العالمية. * عضو النادي الأدبي رئيس اللجنة الإعلامية