إن من أهم أسس تقدم الدول والمجتمعات هو الترابط والانصهار الكامل بين فئات المجتمع، والذي لا يحده أي حدود أو حواجز وهو يعد من أهم الأسس وأول الأسس في بناء أي مجتمع والرقي به. والدليل على ذلك عندما هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأول ما قام به هو بناء المسجد النبوي وآخى بين المهاجرين والأنصار قبل كل شيء وذلك لعلم المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه لا يمكن أن يتم تقدم الامة الأسلامية الا بالوحدة والعمل المشترك من الجميع. وبعد دعوته أصبح اهل المدينة كجسد واحد، وعلى ذلك اهل المدينة وهم الأنصار بذلوا جهدًا حتى وصل بهم الحال بالاقتسام بكل ما يملكونه مع المهاجرين وآووهم في بيوتهم، واقتسموا حتى معهم الخبز الواحد ومن هولاء من هو فقير، لا يملك القوت الكافي لنفسه ولكن إيمانه بربه ايمانًا يقينيًا هو ما يجعله يتحمل عبء ذلك المهاجر، إلى أن يتحسن حاله. نعم الايمان الراسخ في القلب كما دعا المصطفى بأن التقوى في القلب وليس في الشكل أو المظهر، ولو صلح القلب لصلح سائر الجسد وذلك حال الانسان، ولو تشبع القلب بالايمان لظهر في تصرفاتنا وسلوكياتنا... لكن دعوني اتحدث هنا عن الترابط او التكافل الأسري وما آلت اليه بعض من مجتمعاتنا اليوم من تفكك اسري سواء اكان من داخل الأسرة نفسها او ما بين الأقارب أنفسهم فكثير منهم اصبح لا يعرف كم عدد ابناء العمة او الخالة ولا تراهم سوى في الأعياد او في المصائب لا قدر الله فأخ في الرياض وآخر في الشرقية وتجد الأم في منطقة اخرى تنتظر الايام والساعات حتى ترى ذلك الابن الشارد وآخرون يقطنون سويًا في نفس المدينة تجدهم متفككين لا يعلمون اكانت اختهم الأرملة على قيد الحياة ام ما زالت تصارع الحياة وتبكي مرار الدهر على هجر احبتها.. والأمثال كثيرة نجدها في معظم مجتمعاتنا الاسلامية للأسف الشديد حتى إننا نرى بعض الاسر طوت على نفسها ايهام الطبقات (كباشوات مصر سابقًا) وقسمت افرادها إلى مستويات فهذه فئة vip واخرى جعلوهم في ذيل القائمة لا يربطهم سوى اللقب!! اين ما نص عليه ديننا الاسلامي من هذا واين ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم من تكافل اجتماعي واحب لأخيك ما تحب لنفسك. فهل اصبحت الرأسمالية ولغة الأرقام هي القريب الحبيب؟؟ فابدلتم الاقارب إلى نقود!! ولكن ما زالت هناك بقية تتمسك بعصبها وتعطف على صغيرهم وتوقر كبيرهم ملتحمين في الشدائد متزاورين في الأعياد والأفراح لم يمس قلوبهم الكبر ولا الخيلاء ولا حب المال. فبمثل هؤلاء تحيا المجتمعات الاسلامية وبها تقوى الروابط الأسرية وتزداد صلابة يومًا بعد يوم تاركة الأثر الطيب في نفوس ابنائهم وتزرع فيهم روح المحبة والإخاء فيما بينهم. (واليك اخي القارئ الكريم ويا اختي الكريمة متى كانت آخر زيارة إلى خالك، عمك، اختك ومتى رأيتهم اخر مرة؟؟) فلنبدأ بأنفسنا اولًا حتى نستطيع تغيير مجتمعنا إلى الأفضل. هاني إبراهيم مظهر - المدينة المنورة