أوضح تقرير اقتصادي صادر عن شركة جدوى للاستثمار أن نصيب دخل الفرد السعودي يعادل مثيله في الصين 4 مرات، وفي الهند 15 مرة لكنه يأتي أقل من مثيله في دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، وذكر التقرير أن متوسط دخل الفرد من الناتج الإجمالي للسعودية سيبلغ في حدود 16.347 دولارًا هذا العام لكن استنادًا على الأرقام الجديدة فإن التقرير يتوقع أن ينخفض الرقم إلى 15.734 دولارًَا، يأتي ذلك نتيجة وجود أعداد أعلى ممّا كان مقدرًا للسكان ووفقًا لمتوسط دخل الفرد السعودي الجديد ستحتل السعودية المركز الأربعين بين دول العالم. *** هذا الجانب من التقرير يثير أكثر من تساؤل، فمقارنة المملكة (27مليون نسمة) مع كل من الصين والهند، وكلاهما على مشارف 1.5 بليون نسمة، قد لا يكون سليمًا، كما أنه يقود إلى نتائج خاطئة، إذ لا مجال هنا للمقارنة بين عدد السكان، أو إجمالي الناتج الوطني بين المملكة والهند والصين، ولعل أبلغ دليل على ما أقول هو أن الناتج القومي لإسبانيا (70 مليون نسمة)، يعادل الناتج القومي للدول العربية كلها (350 مليون نسمة) بما في ذلك المملكة، ممّا لا يجعل المقارنة صحيحة، ولربما تتفضل شركة جدوى للاستثمار ببيان أكثر تفصيلاً وأرقام أوضح مدلولاً. *** ما أود طرحه للمناقشة اليوم هو معايير احتساب دخل الفرد، بقسمة الناتج الوطني لأي بلد في العام الواحد على عدد السكان، إذ أتذكر أن الوكالات الدولية المتخصصة والتابعة لهيئة الأممالمتحدة، لم تعد تستخدم هذا المعيار الفردي منذ سنوات، لتبينها أنه معيار يؤدي إلى نتائج خاطئة، ومن ثم قررت. أن تستخدم معايير جديدة ومتعددة هي احتساب نصيب الفرد أو المواطن من الناتج القومي في أي بلد باحتساب نصيبه من الخدمات الأساسية المتاحة للمجتمع، كالتعليم والرعاية الصحية والأمن الغذائي والمواصلات... وغير ذلك من الخدمات التي تشكل ضرورات لأي حياة إنسانية كريمة. كذلك يؤخذ في الاعتبار بشكل أساسي، مدى تنوع اقتصاد البلد، وعدم اعتماده على مصدر واحد للدخل، وقوة الميزان التجاري، ونسبة الأمية ومدى التقدم المعرفي، والتقني للمجتمع... إلى غير ذلك من المعايير العلمية الدقيقة، التي توفرت مع تقدم الحضارة المعاصرة. الطريقة الأولى وهي قسمة الناتج القومي على عدد السكان، سهلة وميسرة، أمّا الطريقة الثانية فهي تستلزم دراسات موسعة لأوضاع الحياة في كل بلد، وعلى كل صعيد، للوصول إلى تقدير أقرب ما يكون للصحة عن نصيب الفرد أو المواطن، في ثروات بلده وإنتاجه. لستُ اقتصاديًّا بأي حال، وإنما هي تساؤلات موجهة لأهل العلم، ومن ثم فإن الأمر كله متروك لأهل الاختصاص.