مازال العالم يعاني من انتشار موجات الفساد المتنوعة ليس في العالم النامي فحسب بل في بعض الدول المتطورة وإن كان يشكل ظاهرة واضحة في دول العالم النامي وتفيد دراسة هيئة الشفافة الدولية التي وجدت علاقة عكسية بين البيئة السياسية التي تتسم بالديموقراطية وانتشار الفساد اذ لوحظ ان الفساد الاداري اكثر تفشياً في الدول الاقل ديموقراطية والعكس صحيح كما وجد احد الباحثين ان جرائم الفساد تزداد في المنظمات كبيرة الحجم ولاحظت دراسة عربية وجود عوامل بيئية خارجية مثل الرواتب والحوافز والقيادة فضلاً عن العوامل القيمية في ارتكاب جرائم الفساد الاداري كما وجدت دراسة (داغر) ان الشباب أقل من (40) عاماً أكثر ارتكاباً لجرائم الفساد الاداري وان سرقة الاموال العينية هي أكبر شريحة في الجرائم وان الفساد عادة يكمن في الوظائف الوسطى والوظائف التنفيذية ولو حاولنا تحليل المعلومات والدلائل التي تدعم او تؤثر في استشراء الفساد الاداري لوجدنا العديد من الاسباب غير الواردة في ذات البحث. لكننا سوف نحاول القاء الضوء على بعض الاسباب لاضافته لاستفحار ظاهرة الفساد: 1- صعوبة الوصول الى المعلومات حصانة بعض المؤسسات والهيئات من المحاسبة. 2- سياسة القرار الاوحد وهو نقيض الاتجاه الديموقراطي ذلك أن صاحب القرار هو من يتصرف بالمؤسسة أو الهيئة التي لا تخضع للرقابة الحكومية. 3- ان المؤسسات الضخمة أكثر عرضة لجرائم الفساد حيث تتداخل المصالح والمحسوبات وتنشأ طبقة وسطى بين صاحب القرار وبين الجهات التنفيذية تتولى هذه الطبقة أمور الفساد. 4- المجتمع الذي يعيش عوزاً لتدني وضعف الرواتب والامكانيات يلجأ اصحاب النفوس الضعيفة فيه الى ارتكاب جرائم الفساد. 5- التداخلات الرأسية في العمل التنفيذي هي احد أهم الاسباب لتعاطي جرائم الفساد اذ يحدث ان يخرق القانون ومتى شعر صغار الموظفون بان القانون يخرق من قبل كبار الموظفين فان ذلك يغريهم بممارسة ذات الفعل ان كان تحت غطاء يفلت من المحاسبة. هل لدينا قانون نسميه (من أين لك هذا) في حصر اموال وممتلكات المسؤولين واقربائهم قبل التعيين ومقارنة تلك الاموال بما يملكونه بعد الانتهاء من العمل او التقاعد؟.. وهذا بلا شك يزيد من رقابة الدولة على تصرفات المسؤولين ويضعهم امام المحاسبة. ان الوظيفة أمانة وما لم يحسن المرء حمل الامانة فانه يتحول الى ظالم لنفسه.. لن نتحدث عن العواقب الدينية لخائن الامانة لكن العواقب الاجتماعية والنفسية ربما تكون قاسية نأمل ان تنشط دور الرقابة وان تساعد الحكومة على حماية المال العام ونأمل ان تكون هناك قوانين واضحة تكشف الفاسدين والعابثين بالمال العام مهما كانوا لان العبث بواقع المجتمع أي مجتمع يعتبر عبئاً بمستقبل اجياله وثروتها وامانتها وطموحاتها. عبدالواحد الرابغي - جدة