باغتتنا السيول في العام الماضي وأحدثت خرابا ودمارا كبيرين، وألحقت الضرر المادي والمعنوي بالعديد من المواطنين، ولا تزال آثارها وأضرارها البيئية قائمة حتى اليوم، وها نحن مقبلون على موسم أمطار جديد سوف يبدأ قريبا إن شاء الله (من منتصف نوفمبر 2010م حتى منتصف أبريل العام القادم 2011م) أي من أواخر الخريف حتى نهاية موسم الشتاء. فماذا أعددنا له من احتياطات لمواجهة أمطاره المتوقعة؟ وكيف سنتعامل معها؟ لقد أحسنت جريدة “المدينة” بتغطيتها الشاملة (عندما دقت أجراس الخطر) واستطلعت عن ماذا جدّ في الموضوع، وعملت استطلاعات رأي حول جاهزية بعض القطاعات المهمة لمواجهة أخطار السيول، وعلى رأس هذه القطاعات المديرية العامة للدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة، والتي طمأن قياديوها المواطنين بأنهم جاهزون ومستعدون لأي طارئ لا سمح الله، حيث إنهم اكتسبوا الخبرة من التجربة السابقة التي حدثت في 8/12/1430ه، واستفادوا منها بشكل كبير، كما أفادونا من خلال التحقيقات الصحافية بأن هناك اجتماعات مكثفة مع القطاعات والأجهزة الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالكوارث الطبيعية، وتم التنسيق فيما بينها (استراتيجية العمل) في حالة حدوث أمطار غزيرة أو سيول جارفة لا قدر الله، ولكن خلافا ذلك مع ما قامت بلدية أم السلم من توزيع استمارات للإخلاء من المنازل والمدارس دون علم الجهات المعنية مما أثار غضب الجميع. إذن ما المطلوب من الأجهزة ذات العلاقة المباشرة بهذه الكوارث لو تكررت في ظل غياب سبل الحماية الرئيسة لكبح جماح تدفقاتها الجارفة؟ ما موقفنا أمام العالم لو تكرر الحدث مرة أخرى دون أن نأخذ أي إجراء لحماية الأرواح والممتلكات؟ هناك مسؤوليات مباشرة تضطلع بها بعض الجهات المهمة جدا مثل: الدفاع المدني، الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أمانة محافظة جدة، شركة الكهرباء، شركة المياه الوطنية، الهلال الأحمر، وغيرها من القطاعات في ظل غياب الحماية المرجوة للأرواح والممتلكات، فالآن ليس هو الوقت المناسب لإلقاء اللوم أو العتاب على جهة ما، ولكن دعونا نفكر بشكل إيجابي في مواجهة الأحداث القادمة لو تكررت -لا قدر الله- وكيف نقلل من أخطارها؟ فمسؤوليات الدفاع المدني حول إعطاء إرشادات عامة لتنبيه المواطنين في كيفية التعامل مع السيول عند حدوثها معروفة وقد مارسها مسبقا.. الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة دورها بارز في تزويد جميع الجهات الرسمية والمواطنين بالمعلومة الصحيحة من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وإعطاء نشرة ساعية خاصة عند عدم استقرارية الأجواء. أما أمانة محافظة جدة فالمطلوب منها كثير، ودورها ما زال قاصرا حتى اليوم، فالحفر والأوضاع السائدة في شرق الخط السريع لا تسر أحدا أبدا، وهذه التي أشار إليها مسؤولو الدفاع المدني في الصحف أخيرا (التي وقفنا عليها شخصيا مع أعضاء المجلس البلدي بجدة صباح يوم الأربعاء 5/11/1431ه) ومنها الحفر الكبيرة، وفتحات الآبار، والمجاري التي تمثل خطرا داهما للعامة، والتي يجب أن تعالج في أسرع وقت ممكن، والاهتمام ببطون الأودية (غليل، وقوس، ومثوب، ومريخ) بحيث تسوى مجاريها، وتنظف مساراتها من مخلفات وتراكمات السيول السابقة، والإسراع في تنظيف العبارات على طول الخط السريع وصيانتها عاجلا قبل حدوث الأمطار، والتأكد (بالوقوف المباشر من قبل مسؤولي الأمانة عليها) وضمان انسيابيتها، وأنها تعمل بكفاءة وتصل إلى مصباتها النهائية دون اعتراض. إذا تحققت هذه المتطلبات وقامت هذه الأجهزة بدورها كما هو مأمول منها في تنفيذ الخطط المرسومة لها، وتفعيلها إبّان الحدث للتقليل من أخطارها على الأرواح والممتلكات، فإننا في مأمن من كوارثها بإذن الله. كما لا ننسى دور المواطنين المهم جدا والمتمثل في الانصياع الكامل لتوجيهات وتعليمات تلك الجهات المهمة، وعدم الاجتهادات الشخصية في بعض المواقف. نحن متفائلون ونسأل الله أن يمر هذا الموسم والمواسم القادمة من دون أي أضرار للأمطار أو السيول، ولكن الاحتياط واجب، فلو أخذنا بالأسباب وأعددنا العدة لمواجهة هذه الكوارث -لا قدر الله- فسوف تمر الأزمات بسلام، ونحمد الله على كل حال. ودمتم سالمين. د. محمود إبراهيم الدوعان [email protected]