كتبت سابقًا : اعتدنا -أو عوّدنا الإعلام العربي - على أن أخبار الفضائح هي الأكثر رواجًا.. وأن الكاتب الشجاع هو الذي يبحث عن (أخطاء) المسؤولين، ولا يبحث عمّا يفعلونه من (صواب).. لأن القارئ -في هذه اللحظة التي سيكتب الكاتب فيها عن حسناتهم- سيشكك في نزاهته وجرأته، كأن مهمة الكاتب الأهم هي: فضح وشتم وهجاء من يستحقون الهجاء.. فقط، وأنه (لا يليق) بالكاتب المحترم: مدح من يستحقون المديح لأن هذا سيخلق له شبهة ما! أقول هذا الكلام وأنا أرى شركة وطنية ضخمة مثل شركة الاتصالات السعودية تقوم بعمل اجتماعي رائع -وتسنّ سنة حسنة لبقية الشركات الضخمة- وذلك عندما قررت التبرع بأكثر من 100 مليون ريال لبناء عدة مراكز صحية في مختلف أنحاء البلاد. ألا تستحق الاتصالات السعودية -عندما تبادر بمثل هذا العمل الرائع- أن نقول لها: شكراً؟ والسؤال الأهم: متى نسمع عن مشاريع مماثلة لشركات ضخمة مثل: أرامكو بن لادن سابك سعودي أوجيه والبنوك.. وبقية المؤسسات والشركات الضخمة صاحبة المليارات العابرة للقارات؟! لا نريد أن نظلمهم: هناك من بينهم من تبرّع لبناء المساكن في أمريكا لمن تضرر من إعصار كاترينا! وهناك من ذهبت تبرعاته لطرابلس وصيدا (يا دليّ ما ألطفهن)! وهناك من قام بسفلتة شوارع حضرموت ونسي أن يتبرع ولو بنافورة لأحد شوارع جدة! وكل هؤلاء أتت أموالهم من قلب هذه الأرض، ومن الفرص التي منحتها لهم هذه الأرض، ونسوا أن أهل هذه الأرض لهم حق -ولو بجزء بسيط- من زكواتهم المليارية. طبعا هؤلاء لم يسمعوا بمركز « الهلالية» في الوسطى ولا « العويقيلة » في الشمال.. تلك التي يسافر أهلها 300 كيلومتر ذهابا إيابا لتلقي العلاج.. الاتصالات السعودية سمعت بهم: بالأمس افتتحت مركزها الصحي في « الهلالية» وغدا تفتتح مركزا آخر في « العويقيلة» وقريبا تتجه جنوبا وشرقا وغربا لتفتتح المزيد من المراكز عبر برنامجها الرائع « برنامج الوفاء الصحي» .. ألا تستحق بعد هذا أن نقول لها : « شكرا » .. شكرا كبيرة بحجم هذه البلاد. * أما بعد: كل الكلام المكتوب أعلاه لا يلغي حقيقة أن هنالك شيئا اسمه أجهزة دولة من مهامها الأساسية توفير العلاج والتعليم -وأشياء أخرى للمواطن- ولكن.. هذا حديث آخر! [email protected]