يتذكر باحث عربي سؤالاً طرحه عليه أستاذه المشرف على رسالة الدكتوراة في جامعة تكساس وهو يجلس أمام لجنة المناقشة للدفاع عنها، حين قال له: والآن تلميذي العزيز تصور أنك أصبحت بعد هذه المناقشة حاملاً لدرجة الدكتوراة وأنك عدت إلى بلدك وتقدمت إلى الجهة التي تريد أن تعمل فيها فقيل لك: عليك أن تدفع مبلغاً من المال حتى تحصل على الوظيفة، فما هو دورك؟ لقد كان رده: سأدفع الرشوة لكي أظفر بالعمل. وتُعزز فتوى تليفزيونية ظهرت حديثاً شرعية الرشوة بسبب الحاجة أو الضرورة والاضطرار، مما يعطي مبرراً للكثير اللجوء إلى الرشوة وهم مرتاحو الضمير، وهذا يزيد من اتساع دائرة الفساد ويضاعف أعداد المتاجرين بالوظيفة العامة، وهي البلوى التي تعم مجتمعاتنا العربية بشكل رهيب. ولا تقيم قوانين مكافحة الرشوة في العالم كله وزناً لمثل هذه الآراء، فليس فيها رشوة المضطر ولا تُميِّز بين الرشاوى الصغيرة والرشاوى الكبيرة، ولا تُفرِّق بين الرشوة المادية وغير المادية، وقد اعتبر القضاء الفرنسي «البوسة» حين يطلبها موظف من سيدة مقابل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل"رشوة" في الوقت الذي بإمكان الناس الحصول على هذه البوسة بالمجان في الشارع..!