(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) 105 التوبة. من أسمى اللحظات في حياتنا تلك التي نمكثها في بيوت الله لأداء الصلاة ومن ضمن ذلك الإنصات لخطبة الجمعة لما فيها من فضائل ومردودات لا تعد ولا تحصى لمصلحة الإنسان المسلم في الأولى والآخرة.. وحتى يتحقق هذا التوجه الخير لابد من الاعتدال قولاً وعملاً وتعاملاً مع الوسط الذي نعيش فيه لنكون بالفعل أعضاء صالحين في المجتمع مشمرين عن سواعد الجد والاجتهاد والإخلاص كل في حقل اختصاصه.. يبني ولا يهدم، يقول خيراً وإلا فليصمت، ينصح ولا يفضح، يعين ولا يعوق، يتوكل ولا يتواكل، يقول كلمة الحق ولو على نفسه، ما هدفه إلا الإصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا. كذلك من المفيد جداً التردد على دور العلم عالماً أو متعلماً لأن طلب العلم بالنسبة للإنسان بعامة والمسلم بخاصة من المهد إلى اللحد.. وفي إطار هذا المفهوم فقد أثلج صدري حضور الحفل الذي أقامته جامعة الملك عبدالعزيز يوم الأحد مساءً الموافق 17 شوال 1431ه (26 سبتمبر 2010م) حيث تفضل صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بافتتاح أعمال ندوة الاعتدال السعودي الذي هو منهج المملكة العربية السعودية الذي اعتمدته منذ تأسيسها على يد العاهل العظيم جلالة الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – حيث نسج على منواله أبناؤه البررة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين.. ومؤداه أن الاعتدال مرتكز سياسي واقتصادي وثقافي للمملكة في كل قضاياها. وفي ضوء ما تقدم ذكره يبرز بجلاء أن عملية الاختيار بجعل الجامعة التي تحمل اسم الإمام المؤسس – رحمه الله – ملتقى لتناول هذا الموضوع له دلالاته لكل ذي بصيرة وتبصر.. كما أن مخاطبة الشباب الذين هم عماد المستقبل والذين هم في مركز الاهتمام لتبصيرهم بالمخاطر المحدقة ليأخذوا جانب الحيطة والحذر وليعملوا ما في وسعهم الجهد لتكريس مبدأ الاعتدال في كل شؤون حياتهم لكونه المنهج القويم الذي تحض عليه العقيدة الإسلامية السمحة ويوجه به ولاة الأمر لأنه من الثوابت. وعود على بدء فإن كلمة سموه التي جاءت مقتضبة وتتسم بالإيجاز إلا أن مضامينها عظيمة في مبناها، عميقة في معناها لاشتمالها على عدة محاور كل واحد منها ينطوي على أبعاد متعددة تتطلب الوقوف عندها طويلاً لاستلهام الدروس والعبر على درب الصلاح والإصلاح والمحافظة على المكتسبات للارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية وتقديرها حق قدرها. ولعل ما تفضل به سموه من ردود على الأسئلة التي وجهت له وأجاب عليها بكل أريحية وسعة صدر وحسن فهم وتفهم ما أضاف الكثير من الإيضاح والإفصاح عن المنهج القويم والرأي السديد وذلك ديدن سموه في كل المناسبات التي يشرفها ويمدها مما وهبه الله فكراً مستنيراً واعتدالاً وموضوعاً.. ولنا في ذلك مثل يحتذى لتحقيق الأهداف والتطلعات البناءة.. وما دام الشيء بالشيء يذكر فإني إذ أشيد بطروحات سموه لا يفوتني أن أعبر بالامتنان والعرفان لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز على تبنيه بالجامعة الموقرة لكرسي منهج الاعتدال السعودي والذي انبثقت عنه هذه الندوة العلمية الأولى التي ستليها إن شاء الله ندوات مكملة ومتكاملة لترسيخ مفهوم الاعتدال أكثر وأكثر وللإسهام في تعزيز الأمن الوطني واستقراره الواجب تعهده ليبقى دائماً وأبداً مصاناً معافى وهو المناخ الذي به وفيه نمضي قدماً بمزيد التنمية والإصلاح من أجل الوطن والمواطن وقبل ذلك وبعد ذلك طاعة الله فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.