من طريف القول: أسوق لكم هذه القصة الطريفة الحقيقية، فقد كان أحد الأصدقاء يهمُ بالسفر لإحدى المدن الكبيرة ولكنه عدل عن رأيه! فسألتهُ عن السبب، فأجاب: خايف من ساهر!! قلتُ: ومن الأخ ساهر هذا؟ هل هو رئيسك في العمل؟ أم أحد الذين يطلبونك بدين؟ فأجاب: إنه نظام المرور الجديد! فقلتُ: وهل تنوي المخالفة؟ قال: لا، ولكن: تصور لو وقعت علي غرامة أو اثنتان من حيث لا أشعر فقد ذهب نصف الراتب! فقلت وكم راتبك: قال: ألفان وخمسمائة! قلت: وكيف لا تشعر بالمخالفة، قال: لأن النظام الجديد في كثير من صورهِ وأنواعه مجهول بالنسبة لنا؟! ونحتاج أن نكون على بينة من أمرنا! قلت: كم عددكم أهل هذا البيت الذي تخافون من ساهر؟ قال: سبعة، قلت: الزم بيتك فأهلك أولى بمالك من ساهر وفقه الله! وبعدُ: فإن النظام والقانون من ضرويات الحياة، ومجتمع بلا نظام لا يمكن العيش فيه! وحملُ الناس على الانضباط بالبشارة أو النذارة منهج شرعي وقانوني لا غبار عليه، وقد بلغ الحال بكثير ممن يقودون المركبات إلى أن صاروا وبالاً على أنفسهم وغيرهم، مما يستوجب تدخل وحزم الدولة بسن مثل هذه الأنظمة وعلى كل أحد بدون مجاملةٍ أو محاباة! ولكن: بعض الناس من أصحاب الدخل المحدود جداً ترهقهُ جداً مثل هذه العقوبات وقد تُذهب دخله كله أو جلّه! لذا لابد للنظام أن يكون وكما فيه قدرٌ من الحزم أن يكون فيه أيضاً قدرٌ من الرحمة والمعقولية، فمثلا: التدرج في العقوبة مطلوب فالمخالفة الأولى ليست كالثانية، وكذلك: بدلاً من أن نعاقب المخالف بمضاعفة عقوبته عند التأخير لمَ لا نكافئه بتخفيضها عند التبذير! وبذلك ندفعهُ للمسارعة في التسديد ونصل للمطلوب دون إرهاق لأحد! إن كثيراً من الرسوم المُستحقة نظاماً (الفواتير بأنواعها، والغرامات، ورسوم المعاملات..) ترهق المواطن صاحب الدخل المحدود ومنهم من لا دخل له أصلاً! لاسيما من كان كثير العيال ضيق الحال قليل المال! فلابد لأي نظام جديد أن يُراعي ذلك جيداً، فولي الأمر وفقه الله في جميع خطبه وكلماته شفيق رحيم عطوف بأبنائه المواطنين وفقه الله وإخوانه لكل خير. رسالة شكر وتقدير: بعد مقالي السابق (حديث في الفقر!) تلقيتُ اتصالاً جميلاً مفعماً بالتفاعل والحرص من سعادة وكيل وزراة الداخلية لشؤون المناطق أخي د.أحمد السناني -وفقه الله- أبدى فيه تفاعله ومتابعته لما نشر وينشر عن أوضاع المواطنين وأن توجيهات ولاة الأمر صريحة وحازمة في هذا الأمر، مما زادني تفاؤلاً وفرحاً، وقد وعد بخير وفقه الله لكل خير. وهذا ليس بغريب على بلدٍ كريم مبارك وصل خيره أصقاع الدنيا ولا ينكر ذلك إلا جاحد أو جاهل!