تعكس تلميحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماعه مع أعضاء المجلس الوطني أمس إلى إمكانية الاستقالة من منصبه في حال فشلت مفاوضات السلام مع إسرائيل ، حالة الإحباط واليأس التي تمر بها القضية الفلسطينية بعد أن وضعت حكومة نتنياهو أكثر من عقبة أمام المفاوضات المباشرة برفضها تمديد تجميد الاستيطان ، واصرارها على وضع الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة شرطًا لتحقيق حل الدولتين. وبالطبع فإن ما يزيد من مشاعر الإحباط واليأس تعثر المصالحة الفلسطينية التي تشكل العقبة الكبرى أمام حل الدولتين. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يهدد فيها عباس بالاستقالة ، إلا أن الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ، حيث يتزامن التراجع في مسار حل الدولتين مع زيادة حدة التوتر في الملفين العراقي واللبناني في ضوء تعثر تشكيل حكومة عراقية حتى الآن وأيضًا في ضوء زيادة حدة الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين حول موضوع المحكمة الدولية ، فإن المصلحة العربية العليا تقتضي وقفة مع النفس عشية اجتماع لجنة المتابعة العربية والقمتين العربية الاستثنائية والإفريقية المزمع عقدهما السبت والأحد المقبلين في سرت، واتخاذ مواقف وقرارات تاريخية في حجم التحديات التي تواجهها الأمة ، مع الأخذ في الاعتبار الحقيقة الإستراتيجية التي أقر بها المجتمع الدولي بأسره ، والتي كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله – أول من نبه إليها عندما أكد على أن حل القضية الفلسطينية هو مفتاح الحل لكافة قضايا المنطقة. وإذا كان من المتوقع أن يجد الرئيس عباس دعمًا من لجنة المتابعة العربية للموقف الفلسطيني الذي يستند على مبدأ «لا مفاوضات مع استمرار بناء المستوطنات» ، ودعمًا مماثلاً من القمتين العربية الاستثنائية والإفريقية ، فإن ذلك يقتضي منه مواصلة جهوده على طريق السلام الذي شكل الخيار الفلسطيني في الطريق إلى قيام الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة القابلة للحياة بعاصمتها القدس الشريف وحيث يصبح من المفهوم أن القيادة التاريخية لا ينبغي أن تتخلى عن مسؤوليتها التاريخية عندما تشتد التحديات والصعوبات ، وهو ما يتطلب مواقف فلسطينية في حجم تلك التحديات والصعوبات ، بدءًا من تحقيق المصالحة للتأكيد أولاً على موقف فلسطيني موحد.