يرصد البرنامج الإذاعي “لست وحدك” والذي يبث من إذاعة البرنامج الثاني بجدة حالات ومعاناة الأسر الفقيرة، حيث تقوم فكرة البرنامج على رصد المشكلات الاجتماعية والحالات الإنسانية الصعبة، ومن ثم يتم الاتصال بالمسؤولين في الدوائر الحكومية، ليتم طرح المشكلات عليهم عبر الأثير، بهدف إيجاد الحلول الكفيلة برفع المعاناة عن أصحابها. البرنامج الذي أتت فكرته منذ سنين طويلة، وجد منذ انطلاقته صدى واسعًا بين فئات المجتمع، وهو يعتبر البرنامج الأول الذي يحتوي على هذه الفكرة الإنسانية، من خلال العديد من القضايا التي يتناولها، والنتائج الإيجابية التي يفضي إليها هذا الطرح، بخلاف بعض الإذاعات التي “اقتبست” الفكرة، ومحورتها لمصالح شخصية تصب في صالح تلك الإذاعات. حول برنامج “لست وحدك”.. قام “الأربعاء” بجولة ميدانية لمقر استوديو بث البرنامج بجدة والتقينا مع معد ومقدم البرنامج الإعلامي سعود الجهني الذي بدأت عليه أثناء تقديمه لإحدى الحلقات علامات الأسى والحزن وهو يستقبل كمًا هائلًا من الاتصالات المؤلمة من جميع طبقات المجتمع. * متى بدأ البرنامج، وكيف كانت فكرته؟ - بدأ البرنامج مطلع الدورة البرامجية في شهر محرم 1431ه، والفكرة تبلورت في مخيلتي من منطلق قول الله تعالى “وأفعلوا الخير لعلكم تفحلون”. * كيف ترى البرنامج من المنظور الشخصي؟ - جاء البرنامج لينشر ضوء الأمل في النفوس المنكسرة، وأصبح همزة الوصل التي تربط بين الفقير المتعفّف، وبين أصحاب الأيادي البيضاء، وأنا أعتبره بصيص أمل وسط البرامج الصاخبة عبر القنوات الفضائية المتعددة التي لا يحمل بعضها أي مضامين هادفة، فقلت لنفسي لماذا أصبح المجتمع متفككًا.. لماذا هذا الركض المحموم.. لماذا نحن قساة على بعضنا؟ نحن الآن نعيش في زمن مختلف يريد فيه قادة هذا الوطن أن يجعلوه في المكان اللائق به على كل الأصعدة ولذلك يجب أن يعي الذين لا يزالون يعيشون بعقليات الماضي أن الحاضر لم يعد مناسبًا لهم. ويضيف الجهني: نحن لدينا أخطاء.. لدينا ممارسات خاطئة في التركيبة الاجتماعية والأخلاقية والوظيفية.. ومؤسسات المجتمع يجب أن تقوم بدورها وكما طلب خادم الحرمين الشريفين من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك وان لا يكونوا عبئًا على دينهم ووطنهم وأهلهم لذلك جاء هذا البرنامج وفكرته كدعوة للإحسان وتفريج الكرب وسماع شكاوى المظلومين وإيصالها للمسؤولين. * كيف تقيّم هذا البرنامج من بين البرامج الكثيرة المتعددة التي تتحدث عن معاناة الأسر الفقيرة؟ - هذا البرنامج هو صوت المواطن الحر ونبض الوطن الحقيقي، ونحن لا نتحدث في البرنامج إلا بدافع وطني دون تسلق أو تملق على حساب المصلحة العامة، بل نتحاشى أن نورد المدح في الفارغ الذي لا يغني المسؤول ولا يسمن المواطن من جوع، فالوضوح والشفافية هو شعار البرنامج المبني على المصداقية، وحق المواطن في الاطلاع على كل ما من شأنه أن يمس مصالحه وهذا دور الإعلام ورسالته. * صف لنا البرنامج بالتفصيل؟ - البرنامج يستقبل اتصالات الناس على شرائحهم كافة المتضمنة همومهم ومشكلاتهم واحتياجاتهم في إطار حقوق المواطنة التي يتمتعون بها في المجالات كافة، ومن ثم يتم عرض هذه المشكلات على المسؤولين في الدولة، وبطبيعة الحال هناك أناس يبوحون بأحوال هي أقرب إلى الأهوال نتيجة ما يعانون من ظلم ذوي القربى ومن بعض الجهات المسؤولة، فتجدهم يتحدثون عن المرارة والأسى وطاحونة الحياة اليومية التي التهمت كل شيء، وهذا يؤكد كم هي قاسية هذه الحياة، وكم هي أقسى منها قلوب البشر، وكل حلقة تفتح جروحًا واسعة في جسد المجتمع وتبذر الملح عليها لتتجدد الآلام والمواجع، كم كلمة تنقذ إنسانًا من الضياع وموقفًا يفيض بالحنان تعيد الإنسان للحياة، ولو لم يجد هذا العطاء وهذا الحنان واللفتة الإنسانية لتضايق، ونحن من خلال البرنامج نحاول أن نقدم شيئًا للفكر والإنسان وللأرواح الظمأى للأمان ليكون بالتوازي مع جانب المساعدة التي تقدم لهم من أهل الخير. * هناك العديد من القضايا التي تطرحونها.. ما مدى سرعة استجابة المسؤولين؟ - نحن في كل حلقة نحاول إزاحة الحجب والسواتر التي يصر البعض على إسدالها فوق متاعب الناس ومعاناتهم في كثير من الأمور، وللأمانة ما زالت بيننا ضمائر حية ونماذج مشرقة تبادر على تلمس حاجات الناس وتقف إلى جانبهم، وفي المقابل هناك من هو مستمر لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، وهؤلاء هم أعداء التنمية داخل المجتمع، ومن هنا جاء الحرص على رفع سقف حرية الطرح في الإعلام، وولي الأمر هو الذي طالب مرارًا من الجميع ممارسة دورهم في كشف الحقائق وتشخيص الفساد ومحاربته. * هناك قضايا إنسانية كثيرة تُطرح من خلال البرنامج، تحدث لنا عن أصعب حالة مرت عليكم.. وكيف تمت معالجتها؟ - طبعًا كثيرة هي القضايا والمآسي التي نبكي منها داخل الاستوديو، منها التفكك الأسري، والإدمان، والظلم، والتحرّش الجنسي، وانتهاك المحارم، وهروب الفتيات، واللا مبالاة من بعض المسؤولين، وقد حفل البرنامج بالعديد من القصص الحزينة والقضايا المؤثرة التي طرحت معاناتها على الهواء مباشرة وبكل شفافية، منها قصة الفتاة رانيا التي تهيم في شوارع جدة بعد أن طردها اخوانها وتعرضت للمضايقات والتحرّش بها وسرقة حقيبتها، ومعاناة أحد السجناء المحكومين بالقصاص وتنازل أهل الدم عنه، والمرأة التي استدرجت القاضي وحكم عليها خمس سنوات وزوجها مدمن مخدرات وأولادها ضاعوا في الشوارع، والمرأة التي قتل أولادها بعضهم بعض بسبب الإدمان الذي تعلموه من والدهم، والفتاة القاصر التي تعرضت للتحرّش من أخيها، وكثير من القصص المحزنة التي يتناولها البرنامج كل أسبوع على الهواء وتحظى بتفاعل الأطياف كافة من شرائح المجتمع وبتجاوب عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال وفاعلي الخير مع الحالات الإنسانية. * بصراحة.. ما سلبيات البرنامج وإيجابياته في رأيك؟ - نحاول تلافي السلبيات في كل حلقة، ومن إيجابياته أنه حقق التفاعل بين أفراد المجتمع وأسهم في إنقاذ الكثير من الحالات الإنسانية التي ظهرت على الهواء، مثل: الأيتام، والمعاقين، والأرامل، والمرضى، وأسر السجناء، والأسر الفقيرة، والحالات المعنفة، وذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة إلى إلحاق الكثير بالضمان الاجتماعي الذي تقدمه الدولة. * هل هناك دعم للبرنامج أم أنه قائم على جهود خاصة؟ - هناك مبادرات من فاعلي الخير والمحسنين وأبناء الوطن، وهذا من إيجابيات البرنامج أن يعمل على تفعيل التكافل وعمل الخير بين الناس، إضافة إلى ما تقدمه الدولة والجهات الاجتماعية من دعم للمواطنين. * صف لنا ردود الفعل بشكل عام؟ - البرنامج كما ذكرت لكم حظي بتفاعل على أطياف المجتمع كافة وتجاوب المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال وفاعلي الخير مع الحالات الإنسانية، وجاءتنا ردود أفعال من خارج المملكة، واتصالات من دول الخليج والأردن والسودان واليمن، وما تناولته الصحافة ووسائل الإعلام والصحف الإلكترونية والفيس بوك. * هل ترى أنكم وصلتم في برنامج “لست وحدك” للهدف المنشود؟ - نحن نعتبر أنفسنا أننا ما زلنا في بداية الطريق وأتمنى أن يتحقق التكافل بين الجميع وأن تكون لدينا قاعدة معلومات كاملة عن كل حالة ومتابعتها ودراستها بالتعاون مع الجهات المختصة حتى يكون عملًا موحدًا يستفيد منه الجميع ويقضي على كثير من السلبيات. * ما أكثر الحالات ورودًا على البرنامج؟ - كثيرة ومتنوعة، لكن أكثرها هو العنف الأسري، والديون، وتراكم الأقساط، وعدم وجود سكن، وقلة الوظائف والعاطلين عن العمل وأغلبهم من خريجي وخريجات الجامعات السعودية. * اذكر لنا احد المواقف المحرجة؟ - عندما يبدي بعض فاعلي الخير برسالة نصية على البرنامج استعدادهم المساعدة ثم تبحث عنه لا تجده، وهذا يضعك في حرج مع صاحب الحالة.. أو مسؤول تطلب منه الرد على الحالة ثم تجده يتملص من الإجابة أو يقفل هاتفه!! * وما الأمور المهمة التي لا تتمناها من المتصلين؟ - الإطالة في الشرح، والاستجداء المادي لمبالغ طائلة اعتقادا أن الاذاعة تقوم بدفع هذه المبالغ وهذا خطأ فادح، وأيضًا الكذب وإعطاء معلومات مغلوطة، وإرسال تقارير وهمية لبعض الحالات المرضية وغيرها من أساليب الشكاوى الكيدية مثل النصب والاحتيال. * متى دمعت عيناك من خلال الشكاوى؟ - كثيرًا ما نسترسل مع الحالات ونعيش المشكلة بكل تفاصيلها فينتابنا حزن شديد، ولا تمر حالة فيها ظلم أو مرارة إلا وأبكي، وصدقني أخرج بعد نهاية كل حلقة وأنا في حالة نفسية سيئة وأقول لماذا هذا يحدث.. لماذا القسوة والمعاناة، وأبكى أكثر من دمعة يتيم أو صرخة فتاة أو رجل كبير.. هذا مؤلم لي.. أبكي كثيرًا على معاناة نساء لا أحد يدري عنهن وهن لا يقدرن على البوح ولا تجد من ينصفها حتى من أقرب الناس لها. * هل هناك بعض المقترحات لتطوير البرنامج؟ - لدينا فريق عمل ولجنة متخصصة لتطوير البرنامج بدعم من مدير عام الإذاعة، بالإضافة إلى مقترحات جميلة تأتي من المستمعين والمستمعات نأخذ بها وننفذها في كل حلقة. * هناك أحاديث كثيرة تشير إلى “اقتباس” فكرة البرنامج.. هل من توضيح؟ - البرنامج هو إضافة جديدة ورافد إنساني مع مؤسسات الدولة المختلفة.. هو جديد في فكرته وطرحه.. هو عبارة عن دمعة ألم وصرخة مستغيث.. ورسالته تحقيق سعادة المجتمع بالتوعية والإصلاح والوقفة الجادة. * عند اعتذار بعض المسؤولين عن الحضور أو الرد على المواطنين.. كيف تكون ردة فعلكم؟ - هذا أمر محرج ومؤلم في نفس الوقت، لهذا تركنا المجال للمستمعين والمستمعات لطرح ما لديهم بكل شفافية، وبعدها تُرسل هذا الشكاوى للمعنيين ومن ذمتنا لذمتهم. * بث مؤخرًا برنامجًا مشابهًا لحد كبير لبرنامجكم على إحدى الإذاعات، ما موقفكم من ذلك؟ للأسف ذلك البرنامج “مقتبس” من برنامجنا “لست لوحدك”، وهو برنامج أتى بعد برنامجنا، ولكن تبقى المصداقية والشفافية هما الفيصل والواضحة للمستمعين. برنامج ”لست وحدك” يذاع كل يوم سبت الساعة العاشرة مساءً مباشرةً على الهواء من إذاعة البرنامج الثاني بجدة. تقديم وإعداد: سعود الجهني. إخراج: محمود إدريس. متابعة وإشراف مديرة البرنامج الثاني دلال عزيز ضياء ومدير عام إذاعة جدة الدكتور عبدالله الشائع. يستقبل البرنامج اتصالات الحالات الإنسانية على هاتف رقم: 0562396000، وفاكس رقم: 022521078